(( خواطر عاهرة ))
ثمانية وثلاثون عاما مضت من عمرها تحمل روحا شفافة بجسد عبث به ألف رجل تتأمل صدرها الكبير بمرآة عمودية في خزانة غرفتها الصغيرة جدا والخالية من اي اثاث سوى سرير تؤدي عليه عملها .اطلقت حسرة كبيرة على سني عمرها التي انقضت في عمل يجعل كل زبائنها من جنس واحد. وكم هو ممل ان يؤدي شخصا ذات الدور ويكرر نفس الاصوات والكلمات ﻷنها متطلبات العمل وبدونها ستخسر الكثير من زبائنها وبالتالي تتضرر ماليا . مع الزفير أطلقت توجعها واحسرتاه على أمي التي شابه حالها حالي الى حد كبير فهي كانت تمارس دورها مع ابي مثل دوري مع زبائني وكان ﻷمي الويل ان عصت ابي على الفراش وكانت تؤدي كل ماهو مطلوب منها كي لاتخسر زبونها الوحيد (أبي) مع فارق ان زبائني يغدقون علي الكثير من المال حين اريحهم ولكن امي كانت لاتحصل من ابي سوى طعام عادي جدا ويشتري لها ارخص الثياب بينما يشتري لي زبائني افخر الثياب وأنفس الحلي وافخم الطعام والشراب وكلانا نؤدي ذات العمل بل حين اتأخر على زبائني يفتقدوني ويقلقون علي بينما امي المسكينة ان تأخرت عن فراش ابي تنالها الشتائم والتهديد بالطرد والطلاق وبينما هي تقارن نفسها بوالدتها نوديت من وراء الباب من قبل رئيستها في العمل ان زبونا سيدخل عليك بعد دقائق فكوني مستعدة وبينما هي جالسة على سريرها دخل احد الزبان فأبتسمت له ورحبت به كأي صاحبة متجر او مطعم او مكتب مع فارق ان بضاعتها جسدها بكل اجزاءه تتعرى دون ان تخفي شيئا فقارنت حالها بأصحاب المتاجر الذين يبيعون لزبائنهم عكس مايعرضون وقد حدث معها اكثر من مرة ان اغراها منظر الفاكهة واللحم المعروض وكان مختلف تماما عما يضعونه لها في كيس التسوق فكانوا يعرضون نموذج ويبيعون آخر ووجدت نفسها لاتغش احدا بهذا الجسد بل تعرضه كما هو .وبينما جلس الزبون الى جانبها فتغزل بها غزلا عظيما وامتدح جمالها وعطرها وشعرها وبينما هي كذلك تذكرت بكاء جدتها بمرارة وهي تعاتب زوجها (جدها) قائلة : منذ شهر العسل الذي مضى عليه خمسة واربعين سنة لم تقل لي كلمة غزل واحدة بل كنت تبخل علي بعبارة (انت جميلة) وكنت تستنكف ان تبدي اعجابك بجسدي او تشعرني بأني جذابة وبينما هي كذلك وجدت نفسها بحالة ملوكية وهي تسمع كلمات الغزل المثيرة لجميع رغبات الجسد والنفس. ومد الزبون يده على جيبه ووضع مبلغ الف دولار امريكي على المنضدة وقال لها اريد ان اقضي معك ساعة كاملة تمتعيني بها بمواهبك وفنونك وتجعليني بحال اشعر فيها كأني ملك العالم وسلطانه الوحيد فأبتسمت له ابتسامة عريضة وقالت له لبيك ياملكي الجميل وياسلطان جسدي الأعظم وبينما هي بهذا الحال تذكرت اول رجل جلس بجانبها قائلا لها زوجتك نفسي لمدة ساعة واحدة بمهر مقداره الف دولار كان زواجها (المؤقت) الأول وقد تكررت زيجاتها المؤقتة لأكثر من ثلاثين مرة ونيف قبل ان تتحول لهذه المهنة التي تحتاج لمزاج رائق وصبر على الزبائن يفوق صبر ايوب على علته بل كان في نفسها جراح فاقت جراح الجسد لأيوب وجراح الجسد تندمل لكن جراح النفس مزمنة آلامها تختفي وتعود في دورة لاتتوقف على محور الذاكرة وعلى خارطة الأحداث .جراح النفس قاسية الى حد اللعنة تشوه المزاج ويتسرب منها سلام الانسان وفرحه لذا كان عزائها الوحيد بالكحول كي تتخدر عن ذلك الألم البغيض والماضي المليء بالوجع والحرمان وشتى المصائب والمصاعب .انتهت تلك الساعة مع الزبون وخرج من غرفتها مسرورا وقبل رأسها ووعدها بالمجيء ثانية وان تكون في المرة القادمة مكافئتها اكبر ابتسم لها ومضى وعلى الفور تذكرت طليقها الذي كانت تعمل له نفس ماقامت به لزبونها الأخير وكان حين ينتهي منها يقوم مسرعا بوجه عابس ولايطيق النظر اليها ولاحتى كلمة شكرا وكأنها كائن نجس يود الفرار عن وجهه وكان ينهرها قائلا هيا قومي وهيئي لي الحمام كي اغتسل من النجاسة .فكان طليقها يرى المعاشرة الزوجية نجاسة ولم يكن يكافئ جهدها لا جسديا ولا ماديا ولا لفظيا (معنويا) بينما يقوم زبونها الأخير لها بكل ماترغب وتشتهي وكان قد كافئها جسديا ولفظيا وماليا ووعدها بالمزيد فوجدت حالها افضل بكثير من تلك الحال المزرية التي لاتزال عالقة بذهنها حين طلبت من زوجها (طليقها) ان يؤدي عملا جسديا تشتهيه في فراشها فصفعها على وجهها قائلا لها كيف تتحدثين معي بهذه اللغة التي لاتتحدث بها سوى العاهرة !! ومن مهازل الدهر قبل طلاقها منه بأسبوع وجدته متلبسا بالفعل الجسدي مع عاهرة وحين سألته عن السبب قال لها بأن تلك العاهرة تثيره بالفاظها لدرجة انه لا يتمالك نفسه فيقع عليها فردت عليه لكنني حين تفوهت بكلمة مثل هذه الكلمات صفعتني على وجهي وقلت لي ان عدت قولها سأقطع لسانك او اطلقك لأنها من الفاظ العاهرت قالت له ها انت تحب العاهرات ولاتقاوم سحرهن وجاذبيتهن فلأكن عاهرتك الوحيدة وسأريحك من عناء البحث وانفاق المال على نساء اخر. قال لها ماقلت هذا المقترح الا لأنك عاهرة لأنك لو كنت انسانة شريفة ماقلتي عن نفسك (اكون عاهرتك) هيا بنا الى فضيلة الشيخ لنقم بمراسيم الطلاق الشرعي وغدا نذهب لمحكمة الاحوال الشخصية لتوثيق ذلك رسميا لأنني يستحيل ان اثق بأمرأة مثلك لأنه لاتقل عن نفسها ماقلت سوى عاهرة لايمكنني أن أأتمنها على بيتي واطفالي فقد تسول لك نفسك الخيانة بل انتهت ثقتي بك . فردت عليه وماذا تسمي فعلتك ايها الوغد أليس الطلاق غدرا وتدميرا للبيوت والأسر أتطلقني لأجل كلمة لفظها لساني وتهدم اسرتنا التي نبني بها عقدا كاملا فرد عليها واثقا من نفسه ديني يجيز لي طلاق المرأة لمجرد كرهها ولأني كرهتك بسبب مالفظتي من قول تكاد السماوات يتفطرن من قلة ادبك فيه لذا فكرهي لك مبرر وهو كاف لدى فضيلة الشيخ ليجيز لي طلاقك فصرخت بوجهه قائلة أي دين هذا الذي يجيز الكراهية ؟!!واعجباه !! أن رب الأسرة السليم العقل والنفس يحرم الكراهية على ابناءه فيما بينهم ويأمرهم حين يشعر احدهم بكراهية الآخر ان يبادروا لفض النزاع وتدارك الهوة وان يضحي احدهما براحته لأجل اخيه لأن الأخوة تستحق فيها ان ينتازل المرء عن حقه وان كان هو صاحب الحق وان يبادر بالأعتذار وان كان هو المظلوم هكذا نحن معشر النساء في الشرق نخدم ظلامنا وسجانونا والمتحكمين فينا والمستعبدين لنا ونعتذر لهم في الليل عن اساءة محتملة منا وان كان الحق لنا نتنازل عن كبريائنا وتركنا لكم النبوات والشرائع والقوانين لتقرروا انتم معشر الرجال مايخصنا نحن النساء وكأنكم ادرى بشؤوننا واحتياجنا ونصبتم انفسكم مفكرين لنا واوصياء علينا وقيمين علينا واولياء لنا فحتى التصرف بأجسادنا التي هي ملك لنا نأخذ الأذن منكم ان اردنا زواجا او خروجا او ذهابا وآخر ماجئتني به قال لك من قال ان كرهت امرأتك فسرحها اي طلقها بكل سهولة وتعتبر مثل هذا الامر رجولة وبطولة وانك لم تخرج عن شريعتك التي تجيز لك كراهية امرأتك وطلاقها حينما تشعر بذلك تبا لك ولمن سول لك فقاطعها قائلا : كل الذي قلتيه يثبت بأنك ضد الله وضد الأيمان وانه وجب علي طلاقك والخلاص منك لأنك شيطانة فردت عليه انت الشيطان وكل من يشجعك على هدم بيتك واسرتك واستبعاد زوجتك عن ابنائها الذين هم في أمس الحاجة اليها فذلك العن الشياطين واخبثهم على الأطلاق وهل تدمر البيوت وتفكك الأسر سوى الشياطين ومن هم قطعانهم والتابعين لهم بلا عقل .قال لها لن ينفعك هذا الكلام ولن احيد عن قراري هيا اخرجي من بيتي ياشيطانة ودفعها والقى بها خارج الدار وهي تبكي بحرقة قائلة :القسوة ألعن الشياطين .نزلت دمعة على خدها دون وعي منها بينما هي تتذكر هذه الفواجع وفجأة طرق على باب غرفتها رجل فبسرعة البرق مسحت خدها بكفها المتعبة وابتسمت للقادم : تفضل سيدي فقال لها لن أأخذ من وقتك الكثير سأدخل بالموضوع وعلى الفور قال لها أقدم لك عرضا مغريا وظيفة جديدة فمهنة الدعارة مكسبها قليل كما تأخذ منك وقت طويل وسهر كثيرا والمبالغ لاتساوي الجهد قالت ماهو ؟: قال لها انا مخرج افلام اباحية وسأجعلك نجمة من نجمات الأباحية في الشرق وسنعمل كل عام فلم اباحي واحد فقط وامنحك نصف مليون دولار وسوف تتحسن احوالك المعيشية جدا وتسكنين قصرا بدلا عن هذه الغرفة الحقيرة وستكون لك اثمن السيارات ويكون لك حراس وملايين المعجبين فمارأيك ان نوقع العقد ؟ قالت له أرني اياه دعني اقرأه قبل التوقيع فكان مضمون العقد للعمل الأباحي لمدة عشر سنوات قابلة للتمديد بمبلغ قدره نصف مليون دولار يدفع مقدما وبمؤخر قدره تسعة ملايين وخمسمائة الف دولار يدفعها صاحب الشبكة الاباحية لها خلال العشر سنوات .ولها الحق ان تحتفظ بكل المصوغات والملابس والأثاث التي تخولها فيها ادارة الشبكة الاباحية ولها الحق بأخذ كل تلك الممتلكات والاثاث عند انفكاكها او نهاية عقدها مع صاحب الشبكة الاباحية ابتسمت وهي تتذكر عقد زواجها الدائمي حين قال الشيخ وهو يقرأ صيغة العقد قائلا : زوجتك من موكلتي (....)بمهر مقدم قدره اربعة آلاف دولار ومؤخر قدره اربعة آلاف دولار زواجا دائميا فقال قبلت وقال الشيخ بدلا عنها قبلت وكان بأمكان زوجها بذلك الحين ان ينكح الشيخ الذي هو وكيل عن نفسها وجسدها ويفاوض الرجال عنها والوكيل كألأصيل وكل ماهو من صلاحيات الأصيل فهو متاح للوكيل وعلى اية حال لم يلتفت زوجها لتلك الثغرة التي كانت لمصلحته فكان بأمكانه ان يتزوج من الشيخ الذي كان وكيلا عن جسد امرأة ونفسها .اتسعت ابتسامتها وهي تتذكر تلك الحادثة فما ستؤديه في افلامها الأباحية لن يختلف كثيرا عن ما أدته لزوجها الأحمق (طليقها) بل هذا العقد مع الشبكة هو عقد طويل الأجل بمقدم من المال ومؤخر يشبه الى حد كبير صيغة ذلك العقد الأباحي (الشرعي) الدائمي مع فارق تفاهة ذلك المبلغ مع ضخامة مبلغ العقد الأباحي (الفني) الجديد والطويل الأجل ايضا بل ان امتيازات العقد الأخير فاقت كل التصورات اضافة للنجومية والشهرة العالمية بنفس الأعمال التي كانت تؤديها لذلك الوغد في جنح الظلام والسر ستؤديها من الآن تحت النور والكاميرات ويشترك العهر في الظلام والنور بحال ان كلاهما ممارسات جسدية خالية من الحب وليست ترجمة له بل ان الجنس بلا حب هو كحروف لا معنى لها وان كانت بألوان جذابة لامعة فهذه الاعمال الجسدية ان لم تك ترجمة لمشاعر حب توازيها بالقوة ستكون دعارة وان كانت تجري تحت خيمة عقد الأباحية(ألشرعي) لأنه ليس الحب شرطا في الدعارة بل اتقان اعمال الجسد واثارة الغرائز لذا فضلت ان تعمل نجمة اباحية تحت النور خيرا من نجمة اباحية في غرف متعفنة في ظلمات البيوت وغياهب السر .ابتسمت لصاحب العقد ووقعت عليه بكل رحابة صدر فقال لها مبروك يا فنانتنا العظيمة .من الآن انت نجمتنا وفنانتنا المتميزة ومن يقول عنك عاهرة سيقطع حراسك لسانه ولسان اباه وشيخه . وبينما صدر اول فلم لها فما ان شاهده زوجها بعد ان نام الصغار المساكين في منتصف الليل وهاجت غرائزه خرج من داره مهرولا ووقف قرب باب قصرها صارخا أريد ان ارجع عاهرتي الحبيبة الى بيتي أوووه اعني زوجتي الحبيبة ومن الآن انا سكرتير لها ومدير ﻷعمالها .اقترب منه احد حراس القصر وامسكه من أذنيه قائلا أعد علي ماقلته عن السيدة الجليلة اعد ماقلته ايها الوغد سأقطع لسانك اليوم .أما كانت في بيتك ايها الأحمق فكرهتها وسرحتها (طلقتها) وفككت اسرتك (بالحلال وبحسب الشرع)هل كنت مصابا بالعمى ام كما يقال بألأمثال( مطربة الحي لاتطرب )* عندها قال لهم (من تاب تاب الله عليه)* وحتما هي تابت الآن ولذلك رزقها الله بكل هذه الأموال ولا شك ان من يتق الله سيرزقه وهذا الرزق الوفير ثمن تقواها لذا اريد استعادة امرأتي فأومئت اليه من شرفة القصر فأقترب وقالت له (كنت عاهرتك في العتمة وألسر )والآن انا فنانة ونجمة من نجوم الأباحية وقد حصلت من الاحترام والتقدير والراحة في عقد الاباحية (الفني) مالم احصل عليه بعقد الاباحية (الشرعي) .لذا لا اريد ان اراك كي لايعاودني الوجع فقال لها طلباتك اوامر ياعاهرتي المحبوبة فعاد اليه الحارس مرة اخرى ليمسك برقبته هذه المرة وليطبق عليه الخناق قائلا أليوم سأبتل بدمك ايها السافل اعد ماقلته عن السيدة من هي قل والا قبضت روحك الآن فصاح بحشرجة فنانة قال له الحارس ماهي ؟ ارفع صوتك عاليا فصاح طليقها فنانة وتاج على رأسي فركله الحارس بشدة على مؤخرته وصاح فيه ماهي ؟ فقال فنانة ....فنانة....واعظم فنانة وهو يركض والحارس يركله بمؤخرته حتى اخرجه من حديقة القصر فأبتسمت لحراسها وارسلت لهم قبلة من شفتيها طبعتها على انامل كفها الأيمن ونفخت عليها لتطير تجاههم و دخلت غرفتها لتكتب على احدى صفحات دفتر مذكراتها الشخصية : عهر العقول هو احتضانها للأوهام والخرافات بدلا عن الحقائق الساطعة لأن الحقيقة هي كائن حي وأمين لمن تعامل معه هي العكس تماما للخرافات والأوهام التي تخون الأنسان و تخذله وتكسره وتهدم اسرته وتبلبل حياته وكفى بالاوهام والخرافات خيانة انها صنائع دبرت في الظلام وكثيرا ماتنشط في العتمة بينما الحقيقة لاتتجلى الا تحت النور وأنا أربأ بنفسي ان اعمل عاهرة في العتمة بل سأعمل في النور انا ارفض الوهم والخرافات والعتمة أنا انتمي للحقيقة والحقيقة عاهرة مثلي ترفض ان تتعرى في الظلام وترتدي القناع والنقاب والجلباب تحت النور .
رائد مهدي / ألعراق
إرسال تعليق
واو ... رائع انت جدا
إرسال تعليق