حركات الأولاد والبنات/ الجزء الثالث ٠٧/ ١٠
( من العشرة للعشرينات ).
إخواني وأبنائي وأهل محبتي.
بِسْم الله والصلاة والسلام على رسول الله.
٠٦ / ٠٧ / ١٤٣٧ هـ.
أبناءنا - والتربية المنزلية. - ٤ -
( كيف يصبح الطفل محترماً لنفسه ).
عوامل إحترام النفس وتقدير الذات.
الإنجاز والصدق والقبول.
ثالثاً.
من عوامل إحترام النفس ( القبول للذات ).
لاحظنا كيف أن الإنجاز والصدق من العوامل الداخلية للنفس التي تحقق الإحترام الداخلي الذي ينعكس على الإحترام الخارجي للآخرين وللأشياء والظواهر المحيطة في البيئة الخارجية للإنسان المحترم.
أما العامل الثالث من عوامل الإحترام والتقدير الذاتي للنفس ( وهو القبول )فهو على العكس منهم تماماً.
فهو ينعكس من البيئة المحيطة بالإنسان من أشخاص وأشياء ثم ينتقل تأثيرها إلى النفس الداخلية للفرد سواءً سلباً أو إيجاباً.
بمعنى قبوله وإحترامه لشخص ما أو لشيء ما يولد لديه شعور داخلي بالإرتياح والقبول والرضى النفسي الذي يوطد من إحترامه لذاته وتقديره لنفسه.
والعكس صحيح.
فعدم قبوله وإحترامه للبيئة الخارجية المحيطة به أو الأشخاص الذين يتعامل معهم أو الذين يشاهدهم يكون ذَا مردود سيّء على نفسه الداخلية وقد يصل به إلى الإحباط والإنكسار النفسي وربما الكثير من المعضلات والسلبيات التي تنعكس على حياته ومستقبله من جراء فقدان إحترام النفس وتقدير الذات الذي يكون ردة فعل طبيعية لعدم قدرته من قبول الآخرين والتأقلم معهم.
لذلك علينا أن نحرص على هذا الجانب في التربية المنزلية لأبنائنا ليكونوا قادرين على قبول وإحترام الطرف الآخر.
وتجدر الإشارة إلى أن هذا العامل خطير جداً جداً في حياة الإنسان إذا لم يتعلم فنيات وطرق التكيف والتعامل بل وقبول الناس والأشياء والأماكن على علاّتها كما يقال.
لأنه من المستحيل بل من سابع المستحيلات أن نجعل الناس والأماكن والأشياء التي تصادفنا في الحياة على حسب مانريد وكما نتمنى أن تكون.
لأن طبيعة الإختلاف والتفاوت في الأشياء وفي الناس وفي القدرات والأمزجة والهوايات والميول والرغبات هي من المسلمات بل من سمات هذه الحياة التي جبلت عليها.
يبقى أمامنا خيار واحد لابديل عنه وهو التكيف معها والتعايش والتفاعل الإيجابي مع الآخرين.
وليس الوقوف منها موقف العداء أوالإشمئزاز والترفع والتكبر على الناس وإزدرائهم.
س.
كيف نربي أبناءنا على قبول الطرف الآخرين ؟.
ج.
يجب أن تضع نفسك مع الآخرين في جسد واحد.
كيف ذلك ؟
تخيل الذين أمامك هم أعضاء لجسم واحد وانت واحد من هذه الأعضاء.
فمثلاً. لوكنتم خمسة أفراد إخوةً أو زملاء في بيت أو مكتب أو تحت أي سقف يجمعكم.
عليك أن تضع كل واحد منهم كعضو من أعضاء الجسم حسب ما يتضح لك من سلوكه وتصرفاته وما يتمتع بها من قدرات.
فَلَو كنت مثلاً الأذكى منهم فتخيل أنك العقل لهذا الجسد.
ولكن لابد من أيدي وأرجل وغيرها من مستلزمات لهذا الجسد لكي يعيش.
لابد أن يكون هناك من المجموعة من يشبه القدم وآخر يشبه اليد وثالث يشبه البطن ورابع يكون الظهر والخامس ربما كان يشبه الدبر أي المؤخرة ( أكرمكم الله تعالى ) ولكن يبقى دوره مهم كعضو من أعضاء الجسم وعلينا أن نتقبله ونتعايش معه كواقع مطلوب وله دوره الضروري في هذا الجسم وفي دورة الحياة وبدون أي من هذه الأعضاء لن يستقيم الجسم ولن تصلح الحياة.
إذاً بهذه الحقيقة في الحياة ندرك كم أن لكل منا دوره ومكانته التي لايمكن الإستغناء عنها في الحياة كجسد واحد يكمل بعضه بعضاً.
وعلينا أن نتقبل بَعضُنَا البعض برضى وصدر رحب وقبول لسنة الحياة التي فطر الله الناس عليها.
ولا نحاول جعل الناس كلهم عضو واحد في هذا الجسد ونعطل بقية أعضاء جسم المجموعة.
إستعمل هذا المثال في تربية إبنك وعلمه على أن يكون مرناً في التعامل مع مختلف المجموعات حسب الدور او العضو المناسب له في كل مجموعة.
فمثلاً قد يكون ضمن مجموعة البيت العقل في وقت ما ثم قد يتطلب الأمر في وقت آخر أن يكون اليد أو القدم أو أي عضو من أعضاء جسم المجموعة التي يتعامل معها.
وقد يكون في البيت قدم وفي العمل عقل وفي الأصدقاء اليد.
وقس على ذلك من المواقف المختلفة في الحياة ومع الأشخاص المختلفين وفي الأوقات المختلفة
فيجب عليه أن يتأقلم ويتغير ويتنقل بين الأعضاء في إطار الجسد الواحد الذي يشد بعضه بعضاً.
وإذا إشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى كما علمنا ذلك رسولنا وحبيبنا صلى الله عليه وسلم.
في سياق الحديث الذي يصف حياة المؤمنين في توادهم وتراحمهم كالجسد الواحد.
هكذا يتقبل كل منا الآخر التقبل الذي ينعكس على داخلنا بتقدير الذات وإحترام النفس الذي يتولد معه مجتمعاً يسوده الإحترام والتقدير وتتحقق معه الخيرية لجميع الأمة والمجتمعات والأفراد في البيت وفي العمل وفي الأماكن العامة والخاصة وللأفراد والأشياء التي من حولنا وتسود الرحمة والمحبة التي تتنزل معها الرحمات والبركات من خالق الأرض والسماوات.
هل رأيتم وعلمتم أهمية التربية المنزلية في تحقيق مبدأ الإحترام وتقدير الذات.
إذاً هي أمانة في أعناقنا تجاه أبنائنا ومن نعول.
والله الموفق والهادي لتربية أجيال تسود العالم بالإحترام وقبول الأطراف الأخرى في الحياة بكل توجهاتها وعقولها وأفكارها في غير معصية الله تبارك تعالى.
عندها أدرك حكيم الزمان الأذان.
فأمسك عن الإفصاح والتبيان.
وإلى اللقاء القادم رعاكم الله تعالى. 💚
صديق بن صالح فارسي.
إرسال تعليق
إرسال تعليق