قصة قصيرة بعنوان:
(عُذراً كويت!)
تحتَ سقفِ بيتٍ يسرِي المبدأ التربوي العسكري في تفرعاته وزواياه، عاش ثلاثة أبناء. ولدان وبنت. كطيور تربَّتْ بدلالٍ مهذَّبٍ تحت جناح ذلك الصقرِ المهيب.
أبٌ عاهدَ نفسه على أنْ يقدِّمَ لوطنه ثلاثةَ قادةٍ يتغذَّون على المبادئ ويُحيون بها ضمائرَهم، في بيتٍ كان متوسطَ الحال مقارنة بكبار الدولة وأصحاب الأموال، ورفيعَ المستوى قياساً بعامةِ الشعبِ المحكومِ من قبلِ ساسةِ الحزبِ الواحد.
اختلف أبناؤه ذات نهار فجاؤوا أباهم حاملين الشكوى والأسباب والأعذار. كلٌ منهم يحسبُ الحقَ حليفه ويرفض أنْ يكون غير الاعتذار له من نصيب. الولد الأوسط بالتسلسل الولادي بعد الأخت الكبرى قد تطاولَ على الأخ الثالث الأصغر بصفعه على وجههِ، ظناً منه أنَّه يقوم بالسلوك الصحيح؛ بعد أنْ سمعهُ يتلفَّظ بكلام غير لائق عن أخته الكبرى.
هو - بفعلهِ هذا - كان ينتظر التأييد والتشجيع الذي قد يكون بصورة (نوط شجاعة) كما هو الحال مع أبيه صاحب أنواط الشجاعة الكثيرة التي يحصل عليها عقب كل حربٍ تخوضها حكومته؛ لكنه فوجئ بردٍ عكسي لم يكن يتوقعه حين راح أبوه ينصحهه بأنْ يكون الرد بالمثل، لا بالقوة على الضعيف، أو أنْ يلعب العقل دوره ليكونَ حلُ النزاع سلمياً بالنصيحة وبالتي هي أحسن.
تلك الفتاة صاحبة الإدراك المبكِّر لأمور قد تفوق العشر سنوات التي تختصر عمرها، تستمع لنصائح الأب العاقل (المغلوب على أمره) باستحقاقهِ أنواط الشجاعة التي لم تكن للرحمة أو العقل في استحقاقها من حضور. وراحت تسرد سؤالها المنطقي لوالدها الذي كان ينصت لها بفرح مغصوب:
- أبي! هل كان أخي مخطئاً حين راح يصفعُ شقيقي الأصغر دفاعاً عني؟
الأب:
- نعم يا ابنتي! فأنتم إخوة. ولم يكن العنف يوماً حلاً بين أبناء البيت الواحد. وعليه أنْ يعتذرَ له. فالاعتذارُ من شِيَمِ الرجال الأصلاء.
البنت:
- وأنا أيضاً أريد أنْ اجرِّبَ ذلكَ الشعور الرجولِّي الأصيل يا والدي!،. فَعُذراً كويت!
هند العميد/ العراق- ٢٩/٧/٢٠١٧
إرسال تعليق
إرسال تعليق