عودة للأرشيف القديم وهذا لقاء من سلسلة
( من يزرع الشوك يحصد الألم ).
وهي من الكتب التي تحت الطبع بإذن الله تعالى.
اعرضها لمن فاته قرآتها. وللفائدة.
أرجو ان تعجبكم.
من يزرع الشوك يحصد الألم. ٨ - ١٠
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله.
أخواني وأبنائي وأهل محبتي.
٢٥ / ٠١ /١٤٣٧ هـ
لو إخترت أرضاً سبخةً لا تنتج عشباً ولا كلأً.
وبذرت فيها بذرة لم تجعل لله فيها قسمةٌ.
وأطعمتها وأسقيتها بشبهةٍ وحرام.
ولم ترعها بسجدةٍ وقيام.
وأهملتها وأرخيت لها الزماما.
وحين نمت وترعرعت ودار بها الزمان وجاد.
جئت ياصاحبي متلهفاً لموسم الحصاد.
اليوم بحثنا في الدائرة التي حول جميع المثلثات بكل زواياها وما عرفناه عن تلك الزوايا وذلك في إطار نظرية المنجيات من الفتن.
وتمثل لنا الدائرة.
( المجادلة بالتي هي أحسن).
بمعنى أن كل ماسبق ذكره وما تعلمناه من حكم وآداب وفنون ونظريات وثقافات وفهلوات وبراعة وفطنة وذكاء ودهاء وخبرة وحنكة وسحر وبيان.
وقل ماشئت وإلى ما لا نهاية له.
كل ذلك لم. ولن. ولا يجدي.
ولن ينفع. ولن يفيد. ولن يؤثر.
ولا يغير. ولا يطور. ولا يقدم.
ولن يؤخر. ولن يكون مؤثراً في شيء.
إلا من خلال طريق المجادلة بالتي هي أحسن.
هذا ما يأمر الله تعالى به رسولنا ويأمرنا كذلك أسوة به صَل الله عليه وسلم.
ورغم كل الحجج الواضحة والبينة والحق المبين الذي جاء به رسول الله من عند الله تعالى.
إلا أنه تبارك وتعالى يأمره أن يجادلهم بالتي هي أحسن.
فمهما كانت الأحوال لمن تريد إصلاحهم.
فلن يكونوا أسوأ حالاً ممن عادى رسول الله.
ولن يكون أحداً منا بأفضل من رسول الله
صَل الله عليه وآله وصحبه وسلم.
بعد هذه المقدمة لموضوع المجادلة بالتي هي أحسن.
مايهمنا هو البحث في طريقة المجادلة بالتي هي أحسن.
وتطبيقها في واقع حياتنا وجعلها سمة من سماتنا كمسلمين.
ورثناها من كتاب ربنا سبحانه وتعلمناه من خلق نبينا عليه الصلاة والسلام.
تعالوا معي إلى هذا التخيل للمجادلة بالتي هي أحسن.
تماماً مثل لعبة ( هُزّو مركب ) يامكركب.
هذه لعبة كنّا نلعبها ونحن صغار السن وهي معروفة على مستوى واسع ولكن قد يكون إسمها مختلف من منطقة إلى أخرى ولكنها هنا في الحجاز نعرفها بهذا الإسم.
وسوف أوصفها لمن لا يعرفها بهذا الإسم.
هي عبارة عن لوح من الخشب عريض وطويل
ويوضع على برميل فارغ أو حجر كبير.
ويركب كل من اللاعبين كل واحد منهم على طرف من هذا اللوح.
ويبدأون اللعب بحيث يضغط أحدهم على طرف اللوح فيرتفع زميله الآخر.
ثم يخفف من ثقله عليه ليسمح لصاحبه أن يضغط بثقله ليرتفع هو إلى أعلى.
الإحتمال الأول.
يستمرون على هذا الوضع رفعة واحدة لهذا وأخرى لذاك.
إلى أن يتعب أحدهم فيقترب من مركز الوسط في منتصف لوح الخشب فيكون غير قادر على الضغط لرفع صاحبه إلى الأعلى.
عندها تتعالى الضحكات من كل منهما وهما سعيدان لما دار بينهما من اللعب وقد أقنع أحدهما الآخر بموقفه من اللعبة وأنه على الوضع الأمثل والأفضل.
ويقر له صاحبه بنفس راضية وصيحات فرح وسعادة تملأ الدنيا ضجيجاً من الرضى والقناعة والأمل.
الإحتمال الثاني.
هناك إحتمال آخر لنهاية اللعبة.
قد يكون اللاعبين على نفس المستوى من القناعة والمهارة والقوة فيمكثون في اللعب إلى أوقات طويلة ولكنهم مستمتعون بذلك ما داموا على هذا النهج واحدة لك وواحدة عليك وتبقى المحبة والسعادة تغمرهم.
وإختلاف الأطراف التي يجلسون عليها لايفقدهم الود والمحبة والسعادة فيما بينهم.
بل ويستمتعون باللعب ويدركون أن تفوق أحدهم
يعني نهاية اللعب لذلك فهم يتقاسمون الأدوار.
الإحتمال الثالث.
أن يكون أحدهم أقوى من الآخر أو أكبر منه عمراً وقدراً ولكنه لا يستعمل كل قوته في مواجهة اللاعب الآخر بل أنه يظهر شيء من المرونة والضعف في غير مذلة أمامه ويساعده في النهوض مرة تلو الأخرى.
ويبقوا معاً مستمتعين باللعب والحوار ومسايسة الأمور وتبقى الحياة بينهم مرة ومرة والكل سعيد ويملأون الدنيا ضحك وصياح من فرط السعادة بالحياة الكريمة التي جعلوها بينهم وحافظوا عليها رغم إختلاف الإتجاهات وإختلال ميزان القوة بينهم.
الإحتمال الرابع.
وكانت بالفعل تحصل في أثناء اللعب.
أن يتسلط أحد اللاعبين على الإخر ويحاول أن يعرضه إلى الأذى من خلال زعزعة اللوح الخشبي أو الضغط عليه بشدة غير مناسبة
وغير متوازنة مما يتسبب في سقوط اللاعب الآخر.
وربما حصل له أَذًى أو رضوض وآلام شديدة ليبقى هذا الآخر منتشياً ومزهواً بنفسه
أنه الأقوى والأشد حجة والأحق بالخضوع له.
وهنا تنقلب السعادة بينهم إلى أحزان والصحبة إلى عداوة وتبدأ مشاكل وتبعات قد تصل إلى العداء
حتى أنها قد تمتد الى مابين الأهل والأقارب من كلا الطرفين.
الإحتمال الخامس.
أن ينظر أحد اللاعبين للآخر فيجد أنه الغير مناسب عمراً أو قوةً أو أسلوباً ويقرر عدم اللعب أمامه وترك اللعبة والإنصراف عنها.
مثل من يترك المجادلة وإن كان محقاً مع من
قد لا تجدي معه المجادلة أو قد تؤتي نتائج عكسية سيئةً.
هذه الحالات التي تكون في هذه اللعبة هي الأقرب كمثال ومحاكاةً لموضوع المجادلة.
والتي إما أن تصل بالمجتمع والأمة إلى السعادة والأمن من الفتن.
وإما أن تكون هي أساس الشقاء والفتن التي لاحصر لها ولا نهاية.
والتي قد يجر بعضها بعضاً إلى أجيال متلاحقة من أبناء وأحفاد يورثوا الحقد والضغائن والمكايد.
والسبب لعبة المجادلة ومدى كفاءة وقدرة وحرافة اللاعبين.
وهذا يأخذنا إلى التعرف على فنيات لعبة المجادلة ومن هم الأشخاص القادرون على أداءها على الوجه الصحيح كما أمرنا الله تعالى.
لا يكفي ولا يغني العلم وحده ولا كما ذكرنا في بداية هذا اللقاء من حنكة ومهارات مهما تعددت
إن لم تجد الباب الذي تعبر من خلاله بِنَا إلى بر الأمان وهو جادلهم بالتي هي أحسن.
لقاءنا القادم بإذن الله تعالى وتوفيقه نبحث في فنيات لعبة المجادلة بالتي أحسن.
وإلى لقاء قادم بإذن الله تعالى.
رعاكم الله تعالى. 💚
صديق بن صالح فارسي
إرسال تعليق
إرسال تعليق