معلومات عن العدد (ثمانية): سنتناول هذا الموضوع من ناحيتين:
الأولى من حيث العلاقة بين العدد والمعدود؛ فمن المعروف أن العدد يخالف المعدود (في التذكير والتأنيث) في الأعداد من ثلاثة إلى عشرة، فنقول: (جاء ثمانية رجال) فالمعدود (رجال) مذكر ولذلك يكون العدد (ثمانية) مؤنثاً. ونقول أيضاً: (جاءت ثماني نساءٍ ـ أو جاءت ثمانٍ من النساء). وفي الحالين نرى أن الكلمة (ثمانٍ أو ثماني) مُذكَّرة لأن المعدود مؤنث، ولذلك حذفنا التاء المربوطة من كلمة (ثمانية).
وأما الناحية الثانية فهي الناحية النحوية والصرفية؛ فالمعروف أن العدد (ثمانية) له ثلاثة أشكال هي: ثمانية وثماني وثمانٍ، كما أوردنا في الأمثلة السابقة، ولكل لفظ منها مكانه، فمتى نستعمل كلاً منها؟ وما الفرق بين اللفظين ثمانٍ (المنوّن بالكسر) وثماني الذي حذفنا منه التاء المربوطة وأبقينا الياء؟ والسؤال الآخر المكمل للأول هو: لماذا أبقينا الياء وهل هناك كلمات مشابهة لكلمة (ثماني) تبقى فيها الياء؟ وهذه تساؤلات مشروعة لا بد منها. ولهذا نقول بأن كلمة (ثمانية) ليس فيها أية مشكلة نحوية، وكل ما في الأمر أنه يجب عدم نسيان قاعدة مخالفتها للمعدود الذي لا يجيء معها إلا مذكراً لأنها مؤنثة.
وأما الفرق بين (ثماني وثمانٍ) فهو أن الأولى لا بد أن تكون مضافة إلى اسم بعدها، أو أن تكون صفة لاسمٍ مؤنثٍ سابقٍ عليها ومُعرَّفٍ (بأل التعريف)، ولذلك تبقى الياء بعد حذف علامة التأنيث، فنقول: (جاءت ثماني نساءٍ)، ونقول: (جاءت النساء الثماني) ونعربها في الجملة الأولى فاعلاً مرفوعاً وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الياء منع من ظهورها الثقل (لأنه يثقل على اللسان وضع ضمة على الياء، فنقول: ثمانِيُ نساءٍ). وهذا ينطبق على كل الأسماء المنقوصة (أي المنتهية بياء)، مثل (قاضٍ)، فنقول: جاء قاضي المحكمة. وفي الجملة الثانية (جاءت النساء الثماني) نعرب كلمة (الثماني) صفة مرفوعة للنساء.
وأما قولنا: (جاء ثمانٍ من النساء) أو (جاءت نساءٌ ثمانٍ)؛ فكلمة (ثمانٍ) غير مضافة إلى ما بعدها، وهي نكرة منوّنة، وأصلها ثمانِيٌ (أي أن هناك تنوينَ ضمٍّ فوق الياء كعلامة رفع) ولكننا نعلم أن الياء تحذف من آخر الاسم المنقوص في حالة الرفع وتبقى الحركة المناسبة للياء وهي الكسرة : (مثل ثماني = ثمانٍ، قاضي = قاضٍ). وعند الإعراب نقول: جاءت ثمانٍ من النساء ، ثمانٍ: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الياء المحذوفة، وتنوين الكسر عِوَضٌ عن الياء المحذوفة.. وأما في حالة الجرّ فيبقى تنوين الكسر كما هو، ولكن لا بد من الانتباه إلى أنه ليس هو علامة الجر، بل إن علامة الجر الحقيقية يجب أن نقدرها على الياء المحذوفة كما قدرنا من قبل علامة الرفع على الياء المحذوفة ذاتها. وأما في حال كونها منصوبة فلا بد أن نعيد إليها الياء، وعندئذٍ تظهر الفتحة المفردة أو يظهر تنوين الفتح كقولنا: رأيتُ ثمانيَ نساءٍ. أو: رأيت ثمانياً من النساء)، ثمانيَ أو ثمانياً: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة. والله تعالى أعلم.
[مقتطف من موضوع بعنوان : فوائد لغوية. من كتابي: (في ظلال فقه اللغة) ص121، دار أمواج للطباعة والنشر والتوزيع 2015م]
إرسال تعليق
إرسال تعليق