حركات الأولاد والبنات/ الجزء الثالث ٠٥/ ١٠
( من العشرة للعشرينات ).
إخواني وأبنائي وأهل محبتي.
بِسْم الله والصلاة والسلام على رسول الله.
٠١ / ٠٧ / ١٤٣٧ هـ.
أبناءنا - والتربية المنزلية. - ٢ -
( كيف يصبح الطفل محترماً لنفسه ).
الإحترام لا يعني الخضوع أو الذلة والمسكنة.
الإحترام لا يعني التفريط في الحقوق والواجبات.
الإحترام لا يعني القبول بالظلم والتعدي.
الإحترام لا يعني السكوت وعدم قول الحق والعدل.
الإحترام لا يعني الغفلة وعدم أخذ الحيطة والحذر.
الإحترام ليس ثوب تلبسه متى تريد وتخلعه بعد إنتهاء المهمة.
إننا أمة الإحترام.
أمة كان الإحترام هو القانون الذي حكمها وضبط علاقاتها منذ الجاهلية الجهلاء.
ثم بعث عليه الصلاة والسلام ليتمم مكارم الأخلاق التي كانت تحكم وتسود المجتمع العربي والتي ترتكز جميعها حول مبدأ الإحترام.
ولازلنا ولله الحمد الأمة الأكثر إحتراماً وإلتزاماً بمبدأ الإحترام.
قد يقول قائل أننا فقدنا الإحترام.
في حين أن الحقيقة تؤكد أننا الأمة التي فيها الخير إلى يوم القيامة كما أخبر الصادق المصدوق عليه صلوات ربي وسلامه.
لعل الذي إختلف من الأجيال الماضية عن العصر الحديث الذي نعيشه هو فقط مفهوم الإحترام وليس ضياع أو إنعدام الإحترام في الأمة العربية.
كثيراً من المظاهر التي كانت تعتبر من الإحترام في العصور الماضية أصبحت من مسلمات الحياة المعاصرة بسبب إختلاف نمط الحياة والتغيير الذي شمل مختلف جوانب العلاقات الأسرية والإجتماعية بوجه عام.
خذ مثلاً على ذلك.
لم يكن لطفل صغير أي يبدي رأيه أو وجهة نظر مخالفة لمن هو أكبر منه سناً.
وذلك لأنه كما كان يقال أكبر منك بيوم أعلم منك بسنةٍ.
وهذا كان صحيحاً على نمط الحياة الماضية التي يتدرج فيها العلم مع تقدم السن وإكتساب المزيد من الخبرات.
أما اليوم وعلى نمط الإنفتاح المعلوماتي التي قد تصل إلى الطفل معلومة لم تصل بعد إلى من هو الأكبر منه سناً بحيث أصبح مقبولاً من الطفل أن يبدي الرأي المخالف لمن هو أكبر منه بأريحية كاملة ضمنها له الحق المعرفي.
فربما كان كما قيل :
( كبير القوم لا علم عنده.
صغيراً إذا التفت عليه المحافل ).
فهل نحكم عليه بعدم الإحترام للكبير على هذا التصرف منه كما كان متفق عليه فيما مضى.
طبعاً ليس صحيحاً ولا عدلاً.
وقس على ذلك الكثير من الأمور والعادات والتقاليد التي تبدلت مفاهيم الإحترام فيها مع تبدل نمط الحياة.
فليس من العدل ما يطلقه بعض المحبطين على أن مبدأ الإحترام قد إنعدم في الأجيال المعاصرة ولكن الأسلوب والمعاني لمفهوم الإحترام هي التي تغيرت.
أنا لا أعني هنا في هذا البحث العينات الشاذة من الناس أو الأطفال الذين لم ينالوا الحظ الجيد من التربية والرعاية الأسرية السليمة أو الذين نشأوا في بيئة موبوءة ليست على نهج من مباديء الأخلاق والمثل والقيم.
أو ممن يطلق عليهم أطفال الشوارع ومن على شاكلتهم فهؤلاء مشكلتهم إجتماعية تتعلق بظروف حياتهم ولا يمكن أن يفسر ما يصدر منهم من أَذًى للناس أو عدم إحترام للأنظمة والقوانين على أنها سلوك غير مهذب.
إنما تندرج في إطار الجرائم والتعديات وليست هي مدار بحثنا.
وعودة إلى موضوع الإحترام الذي يجب أن نسعى لترسيخه فيما بيننا كمنهج حياة ينساب في دماءنا منذ فجر التاريخ.
فيجب أن نسير مع وليس ضد الفطرة التي في دواخلنا.
بمعنى أننا لا نصنع الإحترام من الخارج أو من مصادر مختلفة.
إنما نعمل على تغذية الإحترام الذي في داخلنا ونجعل أبناءنا يحترمون أنفسهم داخلياً.
لأن الإحترام الداخلي في الإنسان لنفسه سوف ينعكس إيجاباً على كل سلوكه وأعماله بغض النظر عن الطريقة أو المفهوم أو الأسلوب الذي يتطلبه الموقف أو الزمان والمكان.
ولكي يتعود الطفل على إحترام نفسه يجب مراعاة ثلاثة عوامل رئيسية في عملية التربية المنزلية.
عوامل إحترام النفس وتقدير الذات.
الإنجاز والصدق والقبول.
إذا تعود الطفل على تحقيق إنجازات ولو كانت بسيطة.
وتعود على الصدق مع نفسه ومع الآخرين مع إتقانه لفنون الصدق وليس البلاهة والسذاجة بإسم الصدق.
ومارس مهارة قبول نفسه والرضى عنها وكذلك قبول الآخرين والتأقلم مع مختلف الفئات في محيطه العائلي والإجتماعي.
عندها يتحقق له الإحترام والتقدير لنفسه الذي هو مرتكز مفهوم الإحترام الإجتماعي الذي تبنى عليه العلاقات والمصالح والأعمال والمنجزات الحياتية والإجتماعية بل والدولية.
في اللقاء القادم نبحث في كيفية ترسيخ عوامل إحترام النفس وتقدير الذات بما يوفقنا الله تعالى إليه.
عندها أدرك حكيم الزمان الأذان.
فأمسك عن الإفصاح والتبيان.
وإلى اللقاء القادم رعاكم الله تعالى. 💚
صديق بن صالح فارسي.
إرسال تعليق
إرسال تعليق