الحمل والطفل
pregnancy

0
ظل الأنثى
قراءة في المجموعة القصصية القصيرة 
           " للخوف ظل طويل "
للشاعرة والكاتبة العراقية منى الصراف
كتابة / أحمد فاضل
عادة ما تكون كتابة القصة القصيرة في مفهومها العام أنها تتعامل مع عدد قليل من الشخصيات وتحاول أن يكون تناولها للخيال داخل أروقة ضيقة غير مفتوحة نظرا لمحدودية بنائها من حيث شكلها وأمكنتها وأزمنتها ، فواقعها السردي القصير هو غير واقع الرواية الطويل وغالباً ما يتعامل كاتبها مع شخصيات قد لا يزيد عددها عن أصابع اليد الواحدة وتهدف إلى خزين ذا تأثير محدود غالبا ما يركزعلى خلق مزاج خال من الصدمة أو القليل منها كما في الرواية الطويلة .
هذه المفاهيم وغيرها كانت ضمن دائرة اشتغالات الشاعرة والكاتبة العراقية منى الصراف في أغلب ما كتبته في مجموعتها  القصصية " للخوف ظل طويل " الصادرة حديثا عن مطبعة لم يرد اسمها لم تنتبه الصراف إليها ، ، ومع أن كاتبتنا حاولت الاستعانة بخيالها الأدبي في بعض قصصها هذه البالغة 41 قصة ، إلا أننا نراها تعود لتكتب ضمن واقعية اعتمدت الحكمة والنصيحة والتوجيه في أغلبها كما فهمنا من كلماتها المهداة من على صفحتها الخامسة ، وهي التفاتة جميلة ورائعة أن تكون هذه القصص سبيلا للأخذ باليد الشابة نحو الطريق الصحيح لحياتهم وقد تكون هذه الواقعية صورة مستنسخة من الحياة التي عاشتها كاتبتنا صبية وشابة وامرأة في مراحل حياتها المهنية المختلفة حتى نيلها شهادة الهندسة المدنية ، واقع هيمن على ذاتها كما عرضته لي في إحدى لقاءاتنا الثقافية السابقة ، فهي حينما تتناول جانبا منها في قصتها الأولى " للخوف ظل طويل " فإنها تعكس ما ترسب في ذاكرتها منه حيث تقول :
- " الخوف ظله طويل علينا فهمه كي نستطيع التغلب عليه ، هناك شيء أهم من الخوف هو الفشل والوقوع فيه وتبرير الشجاعة لتجاوز الجبن ، وأكبر مواجهة للخوف هي الخطوة الأولى لتعيش طيلة حياتك وأنت تشعر بنشوة الانتصار " ، هكذا تمضي بقية قصص المجموعة " ليلة صيف " ، اليوتوبيا " ، " النوم مع العدو " ، " بائعات الأماني " ، توبة محاذية " ، في قصتها " حرية فضفاضة " تتكشف لنا تلك الأهداف والشعارات التي رفعتها الكاتبة سبيلا لانعتاق المرأة من ذكورية ظالمة ، مستعبدة ، فبعد أن نقرأ حوارية بين شابة وشاب في إحدى الحافلات يريدها أن تجلس في مكانه مع أنها ترفض ذلك انطلاقا من قوة شخصيتها وإرادتها القوية بمواجهة التفوق الذكوري على المرأة كونها الضعيفة دائما بنظرهم ، نراها تقول له :
- " لم تعتقدون أن الأنثى عاجزة وليست مثلكم يمكنها الوقوف ... نحن لا نختلف عنكم ... ولدينا أعمال تشابه أعمالكم في بعض الأحيان ... لم هذه الاستهانة بنا . " .
 ظل الخوف هنا يمضي سراعاً حتى آخر قصة في المجموعة " خلاف واختلاف " حيث اختارتها لتكون خاتمة لكل ما أرادت أن تقوله وهي توجه قصصها للشباب كما كتبت :
" الفوضى ضربت حياتي ، حروب ، احتلال ، سراق ، قتلة يبحثون عن الأجور ، مؤمنون فوق منابر من بلور ، شباب مجاهدون وآخرون يقتلون بدم بارد ، حالت دون سوية الحياة بحدودها الدنيا ، شارع يتيم أسير به حاملة نعشي على كتفي ، أبحث في الركام عمن يستطيع العيش معي " ، أما خاتمتنا فتقول : وجدت في ثنايا هذه المجموعة القصصية أولا أن هناك مؤامرة حاولت الكاتبة كشفها سأترك للقارئ الحصيف التعرف عليها بين ثنايا العديد من قصصها ، أما الثانية فهي المرأة ، صبية كانت أم شابة أم طاعنة في السن ، هن من أرادت الصراف أن يكن المحرك الأساس لثيمة القصة هنا ، والثالثة الحكمة فجميعنا نحتاجها حتى من الطير الذي يطير في السماء ومن السمكة الكبيرة وهي تبتلع الصغار منها .

إرسال تعليق

 
Top