الحمل والطفل
pregnancy

0

.                 **خلجاتي**

الشعر الهام أو شبه الهام ، وقد يكون خيال شعراء الجاهلية على حق أو بعض الحق في وجود شيطان الشعر الخاص للشاعر وقد سموا شياطينهم وكأنهم شخصيا لها وجود علي أرض الواقع . فمثلا : مسحل بن جندل شيطان الأعشى، وجُهُنّام شيطان عمرو بن قَطَن، وهَبيد بن الصُّلادم شيطان عَبيد ابن الأبرص، ولافظ بن لاحظ شيطان امرئ القيس، ومدرك بن واغم شيطان الكميت بن زيد الأسديّ، وهادر شيطان النّابغة الذبياني .
وهذه قصة أعشى قيس مع شيطان شعره:  يرويها الأعشى فيقول:-
«خرجتُ أريدُ قيس بن معد يكرب بحضرموت، فضللتُ في أوائل أرض اليمن؛ لأني لم أكن سلكتُ ذلك الطريق قبلُ، فأصابني مطرٌ، فرميتُ ببصري أطلبُ مكانًا ألجأُ إليه، فوقعتْ عيني على خباء من شعر، فقصدتُ نحوه، وإذا أنا بشيخ على باب الخباء، فسلمتُ عليه، فردَّ علي السلام، وأدخلَ ناقتي خباءً آخر كان بجانب البيت، فحططتُ رحلي وجلستُ، فقال من أنتَ؟ وإلى أين تقصد؟ قلتُ أنا الأعشى، أقصدُ قيس بن معد يكرب. قال: حياك الله! أظنُّك امتدحتَه بشعر؟ قلتُ: نعم، قال: فأنشدنيه، فابتدأتُ مطلع القصيدة:
رَحَلَت سُمَيَّةُ غُدوَةً أَجمالَها
غَضبى عَلَيكَ فَما تَقولُ بَدا لَها
فلما أنشدته هذا المطلع قال: حسبُك! أهذه القصيدة لك؟ قلتُ: نعم، قال: من سمية التي تنسُبُ بها؟ قلت: لا أعرفها، وإنما هو اسمٌ أُلقي في روعي؛ فنادى: يا سمية اخرجي، وإذا جارية قد خرجتْ، فوقفتْ وقالتْ: ما تريدُ يا أبتِ؟ قال: أنشدي عمكِ قصيدتي التي مدحتُ بها قيس بن معد يكرب، ونسبْتُ بك في أولها، فاندفعتْ تُنشد القصيدة حتى أتت على آخرها لم تخرم منها حرفًا، فلما أتمَّتها قال: انصرفي، ثم قال: هل قلتَ شيئًا غير ذلك؟ قلتُ: نعم، كان بيني وبين ابن عمٍ لي يقال له يزيد بن مسهر، ما يكون بين بني العم، فهجاني وهجوته فأفحمته. قال: ماذا قلتَ فيه؟ قال: قلتُ:
وَدِّع هُرَيرَةَ إِنَّ الرَكبَ مُرتَحِلُ
وَهَل تُطيقُ وَداعًا أَيُّها الرَجُلُ!
فلما أنشدته البيت الأول قال: حسبك! من هريرة هذه التي نسبتَ بها؟
قلتُ: لا أعرفها وسبيلها سبيل التي قبلها؛ فنادى:
يا هريرة؛ فإذا جارية قريبة السن من الأولى خرجتْ، فقال: أنشدي عمك قصيدتي التي هجوتُ بها يزيد بن مسهر، فأنشدتها من أولها إلى آخرها لم تخرم منها حرفًا، فَسُقِط في يدي وتحيّرتُ وتغشتني رعدة.
فلما رأى ما نزل بي قال: ليُفْرِخْ رَوْعُكَ يا أبا بصير؛ أنا هاجسك مِسْحَل بن أثاثة، الذي ألقى على لسانك الش
وبالنسبة لي فكلمة من هنا أو هناك من كتاب ،أو عبارة او لمحة منشور قد تثير الاحساس والشعور وتستحث القريحة لتجود بفيض المحفوظ في المخيلة عما يحيط بتلك الكلمة أو العبارة فيصوغها الشاعر بغلاف جديد وتخرج للمتلقي بصورة جديدة لم يألفها من قبل فتعحبه .تطرأ على الفكرة والصورة كالخيال العابر وتعبر ذهني كلمح البرق ، وقد أقتنصها وقد لا أسرع في اقتناصها فتتفلت مني وقلما استعيدها فقد ولت إلى غير رجعة ، واتحسر عليها  ولم أحاول مرة واحدة تقييدها بالكتابة بل بالذاكرة فقط .
لا ألجأ إلى الإغراب في الألفاط بل البساطة والسهولة التي يمكن تلقيها بلا جهد ومشقة وهذا مثار إعجاب لكثير من القراء .
لم ألجأ للصور المعقدة والمعرقة في الخيال إلا ماقد يتمشى مع طبيعة النص وما يستلزمه وتبقى البساطة أقرب لقلبي .
تختلف الموضوعات التي يتناولها الشعراء ربما بسبب مايكتنف حياتهم من ظروف ومؤثرات وبسبب اختلاف الثقافات والمعتقدات الشخصية وحتى المذاهب الدينية ولو إنه من الخير ترك ذلك لأن ما يقدمه الشاعر يتوجه به للجميع وليس لمذهب أو حزب أو طائفة .
الحس القومي العروبي يظهر لدي كل الشعراء إن لم يكن أغلبهم وخاصة في الظروف الحالكة التي يجتازها العالم العربي من حرب وقتل وتهجير يطال دولا وشعوب ، ولكن لازالت العصبية للمذهب تبرز بين حين وآخر .
الثقافة وللأسف غير مسيطرة في المشهد الشعري إن لم تكن ضحلة والمدارس الشعرية تكاد تضمحل إن لم تكن قد اضمحلت .
وهناك ضعف واضح في اللغة عند البعض إذا اعتبروا شعراء ولو على سبيل المجاز.
كثيرا ما أكتب عما أحس به اتجاه نفسي من مقسوم مشؤوم وألجأ إلى قارئة الفنحان والمنجم وضارب الودع ، ليس اعتقادا بهم وبمهاراتهم ولكن لبعض التنفيس ليس ألا .
تشغلني هموم بلدي كثيرا وأحلق في أجوائها كثيرا ولا يخل الأمر من شؤون القلب ولكني لا أتوغل كثيرا في وصف شعوري واحساسي ، فهناك ما يمنعني من ذلك .
لا أدر كيف يأتي ما أكتب على بحور معينة كالبحر الكامل والبحر الوافر والبحر السريع ومجزوإتها وقليلا على المتقارب ويختلف الأمر عند السجال فأكتب حسب بحر شعر السجال .
التعبير الشعري كلقطة  الفلاش أحيانا يعبر عن اللحظة الآنية ولا يتعداها لغيرها وقد يبقي متجذرا في الوجدان على مدى الأزمان ، ولذلك لايجب محاسبة الشاعر على الفكر .

فضل أبو النجا
فلسطين- الرياض

إرسال تعليق

 
Top