لحظة شعر
أراكم تزيدون من خوفكم
وتستقبلون القبور
كنمل تهجي شقوق التراب
يهزّ إليه سحابة قشّ
فتأتي على جبهة الجائعين
رحيقا من الأمنيات
تناثر وجه الصّباح عليها
تزغرد أنفاسها
كهواء بعيد
تسلّل من وجع الذّكريات
وقارعة الموج تطفو
تفكّ ازار الرّصيف
وتتلو خراب المباني
فأسرج حزني
وأرمي الحجر
وأنثى الحريق
تدغدغ أجسادنا
تلفّ خيوط الغبار
وبعض التجاعيد
في وجهها
حين قامت ترتلها تمتمات الرحيل
بلاد من الهمّ والغمّ والجائعين
هززت عصاي
لعلي أرى جثّة الريح تسعى
تلفّ غبار الصّحاري
على وجهك البدوّي
وماوجهك البدوّي
بفزّاعة من تراب
يدغدغها عزف ناي شريد
تربى ليرعى شؤون القطيع
إلى آخر الروح يمشي
يهزّ إليه بظلّ السواد ويمضي
كذا سوّلت لي حروف القصيد
بأن يستوي طيبها
حفنة من تراب الكلام
يكاد شذى نورها
يستميل المعاني
سحائب مالت على قاحل
أسكنت روع هذا التراب
مساء بلون الرّماد يغطّي شحوبا
توارى بدمع الغيوم
ودمع الغسيل تساقط جهرا
على وجهها حين قامت تبلّل حبل الوريد
فلي زوجة لم يخنها التراب لتبكي
على نملة ضيعت قمحها
حين طافت على نايها واستكانت
كما يستدل المهاجر وجه الطريق
وتتلو بصمت ... ضفاف الرصيف
تبوء بإثم القيود
وتأتي على هيأة الطير ألفاظها
هي الأرض تغتابني
كلما شمّرت عن ثراها
وغطّت برتق الخدود تجاعيدها
حين مرّت رياح الجنوب
على ماتبقى لها من جدائل حريّة
مشتهاة
يعاتبني خوفها
وارتجاف السماء
إذا ماتلبّد غيم وسال لعاب السحاب
ينام الشتاء على راحتيا
وبعض السجائر مدفأة
كفكفت جمرها
وتاهت بأوجاعها لغة الجائعين
لنصّ جديد.
حامـــد القصـــري
___ تونس ___
إرسال تعليق
إرسال تعليق