الحمل والطفل
pregnancy

0



قصة قصيرة

غفوة


حاولت ان لا تخبر احدا بانه ستجرى لها عملية في هذا اليوم لشدة 

خطورتها . كان يتملكها شعور بانها قد لاتعود منها .. وهي التي 

لاتحب الوداع .. تتوارى خلف جدار وتنظر من بعيد ان اراد 

احدهم وداعا .

حتى ان تعرضت لخداع تضحك من المخادع لظنه بانها لاتعرف 

خداعه .



عاشقة مجنونة كثيرة هي خلافاتها مع الحبيب .. لكنها كانت دائما 

اليه تعود مع كل صراخ وصفقة لباب .



اما هو كان يغار حتى من عقدها الذي يلامس رقبتها يغار من 

القمر ان طل بنوره على عينيها واخترق تلك النافذتين اللتين 

تشعان 

حنانا وعشقا .. اخبرته مرة :



- انك تشعر بالغيرة



: لا .. بل لا اريدك منفضة لاعقاب سكائرهم !



: وها انت جعلت مني منفضة !!



: لاتفهمي كلماتي بالمقلوب !



: وانت دائما تتلاعب بالكلمات



: لست بها متلاعب .. بل انتِ من تلعب !



ردت عليه بحنق شديد



: لم اجيد اللعب يوما !



اجابها باستهزاء :



اها ! اذن اقتلي وحوشهم



: لا اتقن القتل ايضا



: سيقتلونك هم



: ليكن ! لن أقتل ولن أُقتل



تغيرت نبرة صوته اصبحت اكثر رقة وحنان



: تعرفين انني احبك بعمق



وردت عليه وابتسامة على شفتيها



: واعرف ان غيرتك اعمق !



كانت عاشقة ليست كما هن العاشقات .. طلبت من حبيبها يوما في 

احدى لقاءاتهم باحد المطاعم في مدينتهم التي لاتنام الا من عيون 

تتربص بالعاشقين شر ..



: حبيبي اطلب منك شيء نفذه لي ارجوك



: لو طلبت قلبي سامنحه لكِ قربانا



: لا اريد سوى هذه اللقمة التي تمضغها في فمك



تقطعت الكلمات بين شفتيه ، اصبح معزولا عن كل الذين يحيطونه !



: ماذا تريدين !!؟



: نعم اريدها .. ضعها بفمي قبل ان تاخذ مسارها الى جوفك دعني 

اذوب بها انا ايضا !!



: مجنونة انتِ كيف افعلها والناس من حولي ..



: افعلها .. اسرق الوقت منهم وافعلها !



: امري الى الله ايتها المجنونة .. خذيها بسرعة قبل ان يلاحظ احد 

ذلك ..



تلامست شفتيهما تناولت ذلك الطعام الممضوغ من فمه .. تدفق 

الدم ساخنا في عروقها شعرت ان تلك اللقمة تحرق عروقها 

وتشعلها نارا همهمت بكلمات كلها حزن وشجن :



هل تعلم حين اغفو اراك واقعيا .. وحين اصحو تكون حلمي البعيد !



ترقرقت دموع الحزن في عينيه شعر لاول مرة ان الحياة ضيقة 

موحشة لم تمنحه يوما سوى الاساءة ولعبة كانت الخسارة هي 

كفتها الارجح



: حبيبتي ساعلنكِ آذانا لحبي .. واتوضأ بنور القمر ، واقيم لك 

صلاة طاهرة من كل دنس ، ولية الروح انتِ



ردت علية بحزم وقوة اكبر



: لابد ان اجد لي طريقا لانفد من حواجزي فليس دائما الاسهل هو 

الاجمل .. من المستحيل سانفد ، نعم ارضي محروقة من احتراقها 

سامنحك الخبز والعسل هل تعلم ان الارض المحروقة تعطي 

اشهى 

الثمار ؟ رد عليها



: نعم حبيبتي اعرف .. وساكون اول من يرتشف رحيقكِ



الحزن اعتصر حتى الصوت منها وبالكاد سمع حروفها



: لكنها احلام والاحلام خلقت كي لا تتحق وانت هو حلمي البعيد ... .



دخلت الى صالة العمليات والبسوها ثوب عرس ابيض . حفرت 

صورته بين احداق العيون واطبقتها بالاجفان .. اخذ المخدر منها 

مأخذه وبقت تتمتم بكلمات غير مفهومة



: خذني اليك ربي .. تركتني مع بشر لست منهم هناك ستدعو 

العشاق للحضور وتعزف لهم موسيقاك الحب معك سيكون باعلان 

.. خذني اليك ربي .



ذهبت بغفوة عميقة ، حلقت عاليا سمعت الريح تغني وذراع 

الحبيب احتضنتها بقوة اخذها الى غابات وكهوف مسحورة ونجوم 

تمطر الحان سماوية .. اشجار علقت عليها كل قصائد العاشقين ، 

خرير ماء يملأ في كؤوس من اقحوان يسكب على قلبيهما 

المشتعل 

.. وجن غابات ينشدون لهم اجمل كلمات الحب يحتضن احدهما 

الاخر .. حب تغسله العيون بالدموع .. تحول الجن الى شموع 

تنير 

درب العاشقين .. حب كحبهما لايمكن ان يكون بطياته فراق .. 

كانوا كما هو الرماد حين يشتعل جمرا طائر الفينق يعود مع كل 

موت بولادة جديد



سمعت اصوات بعيدة لها صدى كأنها اصطدام كؤوس فارغة مع 

بعضها .. اخرجتها من تلك الغابات وكهوفها المسحورة



: هل تسمعين ؟ ما هو اسمك ؟ افتحي فمك ؟ اخرجي اللسان ؟ 

افتحي عينيك ؟



فتحت عينيها كانت فارغتين إلا من دموع تركها الجن في الاحداق 

.. تنظر لشيء واحد تراه لوحدها ، كان هو ملاكها خرج من تلك 

الاحلام قبل ان تخرج هي وقف امامها مد لها يده .. نظرت اليه 

بكل شغف وقالت له .. احبك ..



سمعت ضحكات عالية في صالة العمليات .. جس الطبيب لها 

النبض التفت الى الكادر الطبي الذين اختارهم بعناية فائقة من اجل 

اجراء هذه العملية الخطرة وقال لهم :


لم اسمع يوما في حياتي المهنية مريضا يصحو من غفوة مخدر 

ويقول .. احبك ... امرأة كبيرة في السن اصابتها الشيخوخة تعاني 

اختلاط الازمنة في حجيرات الذاكرة ضاعت فواصلها ومازال 

الحب هو الباقي بتلك الحجيرات .. قالها ويده تمسح تلك الدموع 

التي سقطت على خديه .. كم انت رائعة يا امي ..لقلبكِ السلام .. 

احبكِ امي


منى الصراف / بغداد





7/6/2016










إرسال تعليق

 
Top