الحمل والطفل
pregnancy

0




قصة قصيرة

بائعات الاماني

نساء احترفن القفز فوق اسوار المدن ، ينظرن الى عينيك فيتغير بك الزمان والمكان ، هاربات من اساطير قديمة ، سقطن من مناقير طيور مهاجرة ، يجمعن الامنيات وينثرنها بين المدن والطرقات راحلات دائما هن راحلات يحملن الاماني والحكايات وبشارات تفيض بالنشوة تدغدغ الاحلام يبعن لك الامال من دخان تعيد لك ذكريات عتيقة من ركام السنين وبصيص امل وسط الظلام ، يرسمن كما يشأن لك الاسفار على الغيوم ، يخادن المطر ، سروب لحمائم تحمل البشارة لمن ضاقت به الحياة كلماتهنّ سحر وبعض حظوظ للشجن ، نبوءات طريقها الفرح . 
كحل نثرنه في العيون وشوم على جدار الجسد ، تتشاجر الاضداد في وجوهن ، عيون واسعة سوداء ، غارقات في المستحيل . انها اشرعة الغجر التي كانت تأسر فتنتهن تلك الطفلة الرقيقة الدافئة كم كانت تتمنى ان تحظى منهن بلقاء .. كانت غارقة بقصصهن والفرح لهن ثوب .. وفي ليلة ظهيرة حارة والناس نيام سمعت وشوشاتهن ونغمات من احجار الودع وكلمات بين التبشير والتحذير لنساء مخدرات غافيات .. وضعن كل احلامهن تحت الجفون ينتظرن غيث المطر . 
طلبت تلك الطفلة من والدتها بكل محاولات التوسل ان تفسح لهن الطريق ودخول عتبة الدار رفضت الام هذا الطلب لكن بعد ان رأت اصرار ابنتها المدلَلة وافقت بتملل وهي العالمة بحب ابنتها للفرح المصاحب للغجر .. كن ثلاث نساء سمراوات ووجوهن تملؤها الوشوم وشوم خضراء جميلة هكذا كانت تراه تلك البنت الناعمة اتخذن من باحة الدار لهن مجلس فتحت احداهن خريطتها واحجار ملونه رائعة زاهيه فرشتها فوق قطعة من القماش المزركش واتخذت الاخرى مكانا اخر بين صاحبتها الاولى التي اجلست الطفلة بقربها وبين صاحبة الاحجار . طلبت من الام ان تمسك باحدى الاحجار وان توشوشها بالامنيات وان ترمي معها بعض النقود لكي تبوح لها الاحجار بالذي ذهب والذي آت ..طلبت الغجرية من الام ان لاتغادر نظرتها لمكان اخر غير عينيها .. تململت تنحنحت اخبرتها حكايات من رماد زمن فات واخرى قادمة تحمل احلام ستتحقق في نهاية المطاف . 
ذهلت الام من كم المعلومات الحقيقية التي اخبرتها بها تلك القارئة ومن امنيات اخرى لا يعرفها سوى اهل الدار والزوج الذي يشقى ليل نهار من اجل الافضل لاسرته الكبيرة .. شعرت الام بنشوة الانتصار وافراح تتراقص لها نبضات القلب .. لم تمض سوى لحظات من هذه الافراح حتى انتفضت الام والغضب انفجر بوجهها ونهضت واخبرتهن ان ابليس لكنّ مدرسة بل بالاحرى ما اغباه هو تلميذ ينهل منكن الخداع . صرخت بهن وطالبتهن بمغادرة الدار . اصاب ابنتها الحزن واخذت تبكي قسوة والدتها عليهن في حين منذ لحظات زرعن لها فرحا لم تكن تراه منذ سنوات بوجهها .. 
- مابالك يا امي لماذا هذا الهجوم على جالبات الفرح لك .. كيف تكونين بهذه القسوة وطلبت منهن مغادرة الدار بهذه الطريقة .. لماذا يا امي !!؟ 
تنهدت الام خرجت مع زفيرها نار تشتعل قالت لابنتها : 
- حبيبتي كل الذي اخبرتني به تلك الغجرية كان بسبب استنطاق الاخرى الجالسة معك من معلومات وامنيات لا يعرفها سوانا ، وتترجمها بلغة لا نفهما نحن ، تلك المخادعة التي تدغدغ امنياتنا واحلامنا .. انه خداع الغجر .


منى الصراف / بغداد
10/6/2016

إرسال تعليق

 
Top