الحمل والطفل
pregnancy

0














قصة قصيرة
بسمات بطعم غربي




وحيداً اسير وأمي دموعها تلاحقني ، عطركَ وطني يلدغني في مهجري ، أشمه كلما زاد اغتراب روحي .. ونشيد وطني كان لي سجناً ومنفى مظلماً بكياني . وارضاً وحيدة امتلكتها قبل رحيلي في مقبرة .. غريبا منفيا وروحي تلاشت مع احبة هناك تركتهم يذوقون الذل الوانا . 





انتفضْ بامواجك يا بحر اقذفها بوجهي ستزداد ناراً من حرارة دموعي .. أمتطيت امواج الموت كما هم اجدادي ! لعل المغامرة تجري في عروقي ! هربت من شظف العيش وأستعصت سبل الرزق في دروبك وضع سياسي آسن ، بطش ، قتل ، ولا رحمة حتى في اشهر حرماتك .. 




كان يتمتم ببعض من هذه الكلمات كلما جلس أمام البحر يحدث أمواجه . شاب مهاجر أسمر اللون نحيفاً طويل القامة زادت لحيته السوداء طولا ، كانت كفيلة ان تضعة في خانة الأرهابين في بلاده حتى شعره لم يصل له مقص حلاق منذ أن ترك تلك الحارة وحلاقها الذي يحب .. برفقتة رجلين من التي كلفتهم المنظمة التابعة للهجرة بتنظيم شؤونه في بلد المهجر أحدهما من أصول عربية وجنسية امريكية مازال يتحدث اللغة العربية بشكل طليق والأخر امريكي يهمهم ببعض كلمات عربية ، ربطتهم علاقة جيدة فيما بينهم يتسامرون على شاطىء جميل ، امواج البحر تسمع كل همساتهم تثور مرة حزنا وتارة اخرى تصاب بالسكون واحيانا كثيرة كانت تقهقه معهم .. 


قال له رجل المنظمة العربي الاصول كمحاولة للتخفيف عنه : 


- هل تعلم قد يصاب المهاجر بالفصام ! سيكون من الصعب علية أن يلون نفسه بألوان اخرى مثل اللغة وعادات وثقافات وتضاريس غير التي ولد فيها وسيبقى حنينه الى ذلك البلد واسير روحه ، وحضن الأم وعقدة الذنب التي ستلازمه طوال حياته في المهجر لعدم استطاعته الصمود كما هم ابناء بلده ! .. 


: حقا ما تقول صديقي خرجت من بلدي أجر قلبي جراً .. ساعود فانتظر مرجعي !؟ رد عليه : 


- يبقى الغريب حزينا أينما يكون . 


أجابه بشيء من الحزم وبعض من قوه منحها قلبه له 


- نعم أرض غريبة ، لكني سابحث هنا عن حلم وارتدي له جناحاً .. عادت الأبتسامة الى شفتيه وبعض من المرح . قاطعهم الرجل الامريكي اراد ان يجعل من هذه الابتسامات ضحكات تشق امواج البحر الذي أمامهما : 


- ما رأيكم لو منحتكم بعض من المزاح كي نخرج من هذه الاجواء لقد اوجعتم قلبي ! 


ردوا عليه رجاءاً هيا اخبرنا .. قال لهم : 


- هل تعلمون كيف هي اخبار المهاجرين في هذه البلد واحوال اهله ؟ 


قالا له اخبرنا انت كيف هم !؟ قال لهم بكل بساطة هي : 


ان رأيتم عجوزا اسيوية تسير في الشارع تقبلوها بشكل عادي ! ولكن احذروها ان رأيتموها تقود سيارة ابتعدوا عنها قدر المستطاع لانه في النهاية ستدعسكم لا محال ! ضحكا بقوة وقالوا له اكمل .. 


- اما في حال رأيتما رجلا اسوداً يرتدي بدلة كما هو رئيسنا فلا تخافوا منه في حين اذا رأيتم رجل اسود يرتدي ملابس فضفاضة عليكم الخوف والحذر منه ! اما في حال رأيتم اربع رجال يتحدثون اللغة العربية في مطعم فلا خوف منهم .. وان رأيتم اربعة اخرين يتحدثون العربية وفي طائرة ركاب فخافوا منهم وخذوا حذركم وإذهبوا بسرعة الى الرجل الاسود ذو الملابس الفضفاضة الذي خفتم منه أول مرة واطلبوا منه المساعدة ! ضحك الجميع بقوة حتى طيور الشاطىء فزعت من ضحكاتهم وطارت عالياً .. 


قال له الشاب وهو يضحك حتى مزاحكم أيها الغربيون له طعم ولون غير الذي في بلادي ! نظر اليه الرجل ذو الأصول العربية وقال له بشي من السخرية : 


- ذكرتني ببيت شعر مازلت إحفظه لكني لا اعرف لمن هو : 


كم منزل في الارض يألفه الفتى .. وحنينه ابدا لأول منزل 


اخبره بسرعة البرق انه لأبي تمام الطائي كان من أبرز شعراء العصر العباسي 


نظره اليه بأعجاب وضحك بشدة ، وها انا اليوم عرفت انك شاعر يا صديقي ... 


ذهبوا بعد هذه الجلسة لتكملة سهرتهم في احدى المقاهي لتلك الولاية طلبوا العصائر ، وهو دائما ما كان يطلب الشاي 


لكن كلمات صديقة الامريكي حول العرب ازعجته بالرغم من اعتبارها مزحة أستمر حديثهم عن الارهاب الذي أكلت ناره البلدان العربية وهو كان يحاول ان يخبرهم انهم ضحاياه وليس من صنيعتهم اخبرهم هل تعلمون أننا كما هي البحيرة الرقراق صفحة الماء فيها كانها مرآة مصقولة فضة براقة والارهاب تلك الفقاعة التي تفجرت على سطحها مشوهة ذلك السطح ، فقاعة ماء تحمل ذكورة جسد منخور بتاريخ كتبه سراق تعلموا القتل والسلب .. فقاعة متاعب وارهاب ، كانوا يصغون اليه بعناية شديدة وما هي سوى لحظات حتى سمعوا صوت انفجارات قوية لفت المكان بالفوضى والصراخ انقلبت الطاولة بعد اصطدامهم بها وكراسي اصبحت فوق رؤوسهم ، ارتموا ارضا وهم يضعون أيديهم والكراسي فوق رؤوسهم والناس تنظر اليهم بأستغراب ودهشة ، فلم تكن سوى العاب نارية ملأت السماء الواناً والناس تصرخ فرحاً لاستقبال العيد الوطني لهم !! 


قال الشاب لصديقة الامريكي : 


- أريت ليس كل الذي نسمعه او نشاهده هو حقيقة الأشياء ، فاربعة رجال عرب في طائرة مقابل الالعاب النارية في هذه المناسبة ! . 

















منى الصراف / العراق


























إرسال تعليق

 
Top