من كتاب محمد رسول الله ( عدله - شجاعته -بلاغته صلي الله عليه وسلم )
عدله صلي الله عليه وسلم
لنذكر حديث المرأة المخزومية التي سرقت واحزن قريشا شانها فقالوا ومن يقدر علي النبي صلي الله عليه وسلم إلا أسامة بن زيد لأنه حبه فكلمه أسامة ولكن النبي صلي الله عليه وسلم قام ثم خطب وقال " إنما هلك من كان قبلكم كانوا إذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد وإذا سرق فيهم الشريف تركوه وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها "
وحينما أذن بلال يوم الفتح علي الكعبة قال الحارث بن هشام بن عمرو وخالد بن أسيد هذا العبد يؤذن فنزل قوله تعالي " يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثي وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا أن أكرمكم عند الله اتقاكم "
وظهر عدله صلي الله عليه وسلم بين زوجاته فكان نموذجا للعدل
مع كثرتهن زكان صلي الله عليه وسلم نعم الزوج لهن لم تشتكي واحدة منهن سوء معاملته لها ولم تشتكي من جوره ولا ظلمه لها
ومن لينه ص قالت عائشة " ما مسست حريرا ولا ديباجا الين م كف النبي ص ولا شممت ريحا قط أو عرقا قط وفي رواية ولا مسست عنبرا قط ولا مسكا قط أطيب من ريح أو عرف رسول الله ص البخاري وقال أبو جحيفة أخذت بيده فوضعتها علي وجهي فإذا هي ابرد من الثلج وأطيب رائحة من المسك " البخاري وقال جابر بن سمرة وكان صبيا مس خدي فوجدت ليده بردا أو ريحا كأنما أخرجها من جونة عطار " مسلم
وقال انس كان عرقه اللؤلؤ وقالت أم سليم هو من الطيب وقال جابر لا يسلك فيتبعه احد إلا عرف انه سلكه من طيب عرقه أو قال من ريح عرقه " الدارمي مشكاة المصابيح ص527ج 2
الصدق
لما نزل علي النبي صلي الله عليه وسلم أمرالله له بالدعوة وقف علي جبل الصفا وظل يدعو القبائل بأسمائها وهي تجيبه ثم قال " لو أني أخبرتكم أن خيلا بسفح هذا الجبل أكنتم مصدقي ؟ قالوا نعم ما تعودنا عليك كذبا قط قال فاني نذير لكم بين يدي عذاب شديد فقال أبو لهب تبا لك ألهذا جمعتنا فانزل الله تعالي "تبت يدا لهب وتب " السورة
الأمانة
لقد عرف العرب كلهم أمانة النبي صلي الله عليه وسلم قبل بعثته وكانوا يسمونه الصادق الأمين ولهذا رجعوا إليه بحكمه فيما كان بينهم من نزاع وارتضوا ما قضي به وذلك أن قريشا اجتمعت لبناء الكعبة وجزأت العمل فكان جانب الباب لبني عبد مناف وزهرة وكان ما بين الركن الأسود والركن اليماني لبني مخزوم وقبائل من قريش انضموا إليهم وكان ظهر الكعبة لبني جمع وسهم وكانت ناحية الحجر لبني عبد الدار0
ولما انتهوا من إعادة بنائها بلغ الركن الحجر الأسود فانضموا فيه كل قبيلة تريد أن ترفعه إلي موضعه دون الأخري حتي كادوا يتقاتلون وظلوا علي ذلك أربع ليال ثم أشار احدهم بأن يحكموا بينهم أول من يدخل من باب المسجد فرضوا فكان أول من دخل عليهم رسول صلي الله عليه وسلم فلما رأوه قالوا هذا الأمين رضيناه هذا محمد فلما اخبروه الخبر قال ائتوني بثوب فاتوه به فاخذ الحجر فوضعه فيه بيده ثم قال لتأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب ثم ارفعوه حتي إذا بلغوا موضعه وضعه بيده الشريفة ثم بني عليه
ونذكر حين أراد الهجرة وقد قاتلوه وترك أماناتهم مع علي بن أبي طالب مع انه كان خارجا من قتل محقق لولا عناية الله" رواه مسلم
الدعابة في حياته
كان صلي الله عليه وسلم اذا حزبه امر صلي " وكان النبي صلي الله عليه وسلم مع كل هذا مرحا فكان نعيمان بن عمر من اشهر الانصار دعابة لا يقبل عنها احدا ولا يراه النبي صلي الله عليه وسلم فلا يتمالك نفسه ان يبتسم وربما قصد النبي صلي الله عليه وسلم ببعض هذه الدعابات لطمعه في حلمه وعلمه بموقع الفكاهة من نفسه وكان النبي صلي الله عليه وسلم يري نوادره ويضحك عليها ويشارك الناس الضحك دون ان يهزا به او او يعبث به فللجد صرامة تستغرق بعض النفوس فلا تنفع لهذا الجانب اللطيف من جوانب الحياة ولكن النفوس لا تستغرق هذا الاستغراق الا دلت علي شيء من ضيق الحظيرة وان فهمت بالعظيم من الاعمال فاستراحة محمد الي الفكاهة فهي مقياس تلك الافاق النقية الواسعة التي شملت محل ناحية من نواحي العاطفة الانسانية فهي المقياس الذي يبدي من العظمة من بيديه الجد في أعظم الاعمال "
محمد قائد الامم د/ اسماعيل حلمي
عن عائشة قالت خرجت مع النبي صلي الله عليه وسلم في بعض أسفاره وأنا جارية لم احمل اللحم فقال ص للناس تقدموا فتقدموا ثم قال تعالي حتي أسابقك فسابقته فسكت حتي إذا حملت اللحم وكنا في سفرة أخري قال ص للناس تقدموا ثم قال تعالي أسابقك فسابقته فسبقني فجعل النبي صلي الله عليه وسلم يضحك ويقول هذه بتلك
وقد باع النعمان بن عمرو وهو أشهر الأنصار دعابة باع عاملا لأبي بكر يغيظه وألجمه واعلم الذين اشتروه أنه مهووس بأنه حر وبعد أن اشتروه ظل يقول بأنه حر وهم لا يصدقونه حتي جاء الخبر لأبي بكر فلحق به هؤلاء القوم واعتقوه وهكذا لما علم النبي صلي الله عليه وسلم ظل يضحك علي هذا العمل عاما كاملا
قال أنس بن مالك رضي الله عنه دخل النبي صلي الله عليه وسلم علي أمي فوجد أخي أبا عمير حزينا فقال يا أم سليم ما بال عمير حزينا فقالت يا رسول الله مات نقيره تعني طيرا كان يلعب به فقال ص أبا عمير ما فعل النقير وكان كلما رآه قال له ذلك وطلب إليه بعضهم أن يعلمه علي بعير ووعده أن يحمله علي ولد الناقة فقال ما اصنع بولد الناقة ؟ فقال ص وهل تلد الإبل إلا النوق وكان ص لم ير قط مادا رجليه بين أصحابه وتعود كلما زار أحدا إن لا يقوم حتي يستأذنه ولم يكن ينفخ في طعام ولا شراب ولا يتنفس في إناء وإذا أخذه العطاس وضع يده أو ثوبه علي فيه وربما نهض بالليل فيشوص فاه بالسواك ولا يزال يستاك ويوصي بالاستياك بعد الطعام والتيقظ من النوم فكان يتطيب ويقول لصحبه اغتسلوا يوم الجمعة ولو كان كأسا بدينار
والنبي صلي الله عليه وسلم كان لا يكره الأعياد
وقالت السيدة عائشة رضي الله عنها " إن الحبشة كانوا يلعبون عند رسول الله ص في يوم عيد فاطلعت من فوق عاتقه فطأطأ منكبيه فجعلت أنظر إليهم من فوق عاتقه حتي شبعت ثم انصرفت "
وقالت السيدة عائشة رضي الله عنها " إن رسول الله ص قال يومئذ ليعلم يهود المدينة إن في ديننا فسحة إني بعثت بالحنيفية السمحة "
وقالت السيدة عائشة رضي الله عنها " دخل علينا أبو بكر في يوم عيد وعندنا جاريتان يذكران يوم بعاث يوم مشهود من أيام العرب يوم قتل فيه صناديد الأوس فقال أبو بكر عباد الله أمزمور الشيطان عند النبي صلي الله عليه وسلم قالها ثلاثا فقال رسول الله ص يا أبا بكر دعهما إن لكل قوم عيدا وان اليوم عيدنا "
وقال ذات مرة لامرأة من الأنصار الحقي بزوجك فان في عينيه بياض فأسرعت المرأة نحو زوجها خائفة فقال لها ماذا دهاك قالت قال لي رسول الله ص إن في عينك بياض فقال انه في عيني بياض لا لسوء "
واتته عجوز أنصارية فقالت يا رسول الله ادع لي بالمغفرة فقال لها آما علمت أن الجنة لا يدخلها عجوز فحرجت فتبسم النبي صلي الله عليه وسلم وقال " إنا أنشأناهن إنشاء فجعلناهن أبكارا عربا أترابا "
زهده صلي الله عليه وسلم
وعنه أن عائشة رضي الله عنها قالت لقد كنت أبكي رحمة له مما أري به وامسح بيدي علي بطنه مما أري به من الجوع وأقول نفسي لك الفداء يا رسول لو تبلغت من الدنيا بقوتك فيقول يا عائشة مالي والدنيا إخواني من أولي العزم من الرسل صبروا علي ما هو أشد من هذا "
رآه عمر وقد أثر في جنبه حصير فقال له يا رسول الله قد أثر في جنبك رمل هذا الحصير وفارس والروم قد وسع الله عليهم وهم لا يعبدون الله فاستوي جالسا وقال أفي شك أنت يا بن الخطاب أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا ؟
ولقد مات ص ودرعه مرهونة عند يهودي
وقال صلي الله عليه وسلم في خطبة الوداع " إن عبدا خيره الله أن يؤتيه الله من زهرة الدنيا ما شاء وبين ما عنده فاختار ما عنده " قال أبو سعيد فبكي أبو بكر قال فديناك بآبائنا وأمهاتنا يا رسول الله فعجبنا له فقال الناس انظروا إلي هذا الشيخ يخبره الرسول ص عن عبد خيره الله بين الدنيا والآخرة يؤتيه من زهرة الدنيا وبين ما عنده فيقول فديناك وأمهاتنا فكان ص هو المخبر وكان أبو بكر أعلمنا " متفق عليه
وهو اقرارامام الجميع بان النبي صلي الله عليه وسلم اختار الاخرة وكان بمكانه ان يختار الدنيا .
عبقريته العسكرية
ظل النبي صلي الله عليه وسلم في مكة اعواما عديدة لم يؤمر بالقتال او الرد علي مشركي قريش حتي لو قاتلوه وهو ما حافظ عليه النبي صلي الله عليه وسلم حتي نزل امر الله تعالي قائلا " اذن للذين يقاتلون بانهم ظلموا وان الله علي نصرهم لقدير الذين اخرجوا من ديارهم بغير حق الا ان يقولوا ربنا الله "
وقد صبر المسلمون علي المشركين حتي امروا إن يقاتلوهم كافة كما يقاتلون المسلمين كافة فلم يكن لهم قط عدوان ولا إكراه وحروب النبي صلي الله عليه وسلم كما كانت كلها دفاع او من اجل نشر الدين لا طمعا في مال وا مكانة ولم تكن منها حروب هجوم إلا علي سبيل المبادرة بالدفاع بعد الإيقان من نكث العهد والإصرار علي القتال وتستوي حروبه مع قريش مع حروبه مع اليهود أو مع الروم عن القتال في تلك السمة وكان قد سري الي النبي صلي الله عليه وسلم نبا أنهم يتهيئون للنبي علي حدود البلاد العربية
ومن التجارب التي دل عليها التاريخ الحديث كما دل عليها الانقلاب من تلك التجارب تجربة فرنسا في القرن الماضي وتجربة روسيا في القرن الحاضر وتجربة مصطفي كامل في تركيا وتجارب سائر الدعاة من أمثاله في سائر البلاد فمحاربة السلطة بالقوة غير محاربة الفكر بالقوة ولا بد من التمييز بين العملين لأنهم خير مختلفين والحقيقة الثالثة أن الإسلام لم يحتكم إلي السيف قط إلا في الأحوال التي أجمعت شرائع الإنسان علي تحكيم السيف
الحقيقة الخامسة إن الإسلام شرع الجهاد وان النبي صلي الله عليه وسلم قال أمرت أن أقاتل الناس حتي يشهدوا ن لا اله إلا الله وان محمدا رسول الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم علي الله "
وعن عبقريته العسكرية
لو تتبع حروبه عليه السلام ناقد عسكري من أساطين فن الحروب في العصر الحديث ليقر من وراء خططه مقترحا أو ينبه إلي خطا لأعياه التعديل فنابليون كان يستفيد بخطته بثلاثة أمور أن يختار الموقع الملائم وان يختار الفرصة وان يعاجل العدو قبل إتمام الاستعداد وكان ص سابقا إلي تلك الخطط في جميع تفصيلاتها ص97
وكان النبي صلي الله عليه وسلم يعمد إلي القوة العسكرية حيث أصابها فيقضي علي عزائم أعدائه بالقضاء عليها وإضعاف أنصاره بتركه زمام الحركة في أيدي المهاجمين إلا أن يكون الهجوم وبالا علي المقدمين عليه كما حدث في غزوة الخندق ص 97
وان الاستعانة علي قضاء الحاجة بالكتمان سنة حكيمة من سنن النبي صلي الله عليه وسلم في جميع المطالب وهي في حروب الدعوات علي التخصيص ولهذا كان إذا أراد غزوة وري بغيرها علي النحو الذي يتبعه قادة الحروب " ص 101
نري محمد عليه السلام قائدا حربيا بين أهل زمانه بغير نظير في رأيه وفي الانتفاع بمشورة أصحابه وتبرز لنا قدرته النادرة بين قادة العصور المختلفة في توجيه كل ما يتوجه علي يدي قائد من قوي السلام والكلام وهذه القدرة هي بشهادة كبري للرسول ص تأتي من طريق الشهادة للقائد الخبير بفنون القتال فمن كانت عدته هذه الأداة النافذة فاقتصر بها علي الدفاع واكتفي منها بالضروري الذي لا محيص عنه وذلك هو الرسول الذي تغلب فيه الرسالة علي القيادة العسكرية ولا يلجا إلي هذه القيادة إلا حين توجبها الرسالة رسالة الهداية ص 112
وغير هذه الشهادة عظما إن الرجل لم يتحبب إلي القتال في غير ضرورة رجل شجاع غير هياب "
ومن رجاحة عقله ص كان يستشير أصحابه في خطط القتال ويقبل مشورتهم أحسن قبول ومع ذلك ما صنعه ببدر حين أشار عليه الحباب بن المنذر بالانتقال إلي مكان آخر غير الذي نزلوا فيه أول الأمر ثم بتغوير الآبار وبناء حوض للشرب لا يصل إليه الأعداء وسمع النبي صلي الله عليه وسلم بمشورة الحباب بن المنذر وكانت من اسباب النصر
ثم ننظر الي مشاورته لاصحابه في غزوة الخندق حين علم بقدوم الاحزاب لمهاجمته وقيل فيه روايات كثيرة عمل بمشورة سلمان الفارسي في حفر الخندق عند المنفذ الذي خيف أن يهجم منه المشركون علي المدينة فحفر الخندق وعمل النبي صلي الله عليه وسلم بيديه الكريمتين في حفره ص 29 كتاب عبقرية محمد للعقاد
ومن احتياطه ص الشديد قوله حيث بعث عبد الله بن جحش ومعه كتاب أمره أن لا ينظر فيه حتي يسير يومين وفحواه أن سر حتي تأتي بطن نخلة علي اسم الله وبركته لا تكرهن أحدا من أصحابك علي السير معك وامض فمن تبعك حتي تأتي بطن نخلة فترصد بها عير قريش وتعلم من أخبارهم " ومن الغريب أن اثنين من رجال السرية بعد فض الكتاب ذهبا يطلبان بعيرا لهما ضل فأسرتهما قريش وهما سعد بن أبي وقاص وعتبة بن غزوان ثم نزل الركب بنخلة فمرت بهم عير قريش تحمل تجارة عليها عمرو الحضرمي آخر شهر رجب وكانت قريش قد حجزت أموال أناس من المسلمين من بعض من في السرية فتشاورا في قتال أهل العير وحاروا فيما يصنعون أن تركوا العير تمضي ليلتها امتنعت بالحرم وفاتهم تعويض ما حجزته قريش في هذه الفرصة السانحة وان قاتلوا أهلها قتلوها في شهر حرام لكنهم اندفعوا إلي القتال فأصابوا من أصابوا ورمي أحدهم عمرو بن الحضرمي بسهم فأرداه وأسروا رجلين وقفل عبد الله بن جحش ومن معه إلي المدينة وقد حجزوا للنبي ص الخمس من غنيمتهم فأباه ص وقال لهم ما أمرتكم بقتال في الشهر الحرام وعنفهم إخوانهم لمخالفة النبي صلي الله عليه وسلم وساءت لقياهم بين أهل المدينة " وانتهزت قريش الفرصة ضد النبي صلي الله عليه وسلم واتخذتها وسيلة للتشهير به وبأصحابه طلبت من النبي صلي الله عليه وسلم الأسيرين والعير فقال عليه السلام لا نفديكموهما حتي يقوم صاحبانا فأنا نخشاكم عليهما فان تقتلوهما نقتل صاحبيكم
الحادث الوحيد الذي يستحق الالتفاف إليه هو مقتل كعب بن الأشرف الذي كان يهجو المسلمين ويقدح في دينهم ويؤلب عليهم الأعداء ويأمر بقتل النبي صلي الله عليه وسلم ويدخل في كل سياسة تنقض العهد بتأليب العرب مع قومه بني النضير معاهدا أن يحالف المسلمين حتي أذاهم وقد خرج رهط من أصحابه ص لقتله وقد أمر ص بمقتله فان القانون الدولي يوجب علي الأسير الذي ينطق بالشرف ألا يعود إلي القتال إن يوفي بعهده ويوجب علي حكومته أن لا يندب إلي الحرب فان فعل لا يعامل معاملة الأسري إذا أشهر السلاح ثانية في وجه من عفا عنه أن يقضي عليه بالموت
وهناك من نقد النبي صلي الله عليه وسلم حين حكم علي رجال بني قريظة بالموت والجواب أولا أنهم إنما فعلوا ذلك بما هو أشفع ففي عذرهم قبح ورعونة وإذا كانوا يحسون بالضعف فلماذا خانوا النبي صلي الله عليه وسلم وتتمثل أن المشركين كانوا تسللوا من هذه الناحية فكان مصير المسلمين جميعا هو القتل من قبل الأحزاب وهذا التحالف مع الأعداء ونقض العهد للنبي ص لكان له أمر آخر فقد أبوا حكم سيدنا عمر رضي الله عنه وفي نظرته في صلح الحديبية يدخل النبي صلي الله عليه وسلم في مكة بعشرة آلاف مقاتل وانتهي إلي وادي الحليفة وعلمت قريش فبعثوا إليه بمكرز بن حفص في نفر منهم فجاءوا يقولون يا محمد والله ما عرفت صغيرا ولا كبيرا بالغدر تدخل السلاح في الحرم علي قومك وقد شرطت عليهم أن لا تدخل إلا بسلاح المسافر السيوف في القرب فقال ص إني لا أحل عليهم بالسلاح وقد قال لصحبه قبل إن هاجنا هائج من القوم كان السلاح قريبا منه وتركه في الرحاسة علي مقربة مكة حيث يوصل إليه عند الحاجة
وكانت قيادة جيش مؤتة لزيد بن حارثة ثم جعفر بن أبي طالب ثم عبد الله بن رواحة وكان معهم خالد بن الوليد وحين وجد المسلمون أنفسهم أمام هذا الجيش الجرار ترددوا ولكنهم بعد ذلك أصروا علي الشهادة في سبيل الله وقال عبد الله بن رواحة ما نقاتل بعدد ولا قوة ولا كثرة ما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به فانطلقوا فإنما هي احدي الحسنيين ثمت ظهور وإما شهادة " وتقابل الجمعان وقتل زيد ثم جعفر بن أبي طالب ثم عبد الله بن رواحة وهنا اتفق الجميع علي أن يتولي الراية خالد بن الوليد الذي أنقذ جيش المسلمين بمعجزة حربية وحيلة ومع ذلك لم يفر من الجيش بل اثر جيش الرومان أن يترك المعركة خوفا من وجود مدد للمسلمين كما أوهمهم خالد وهنا انسحبوا دون فر بعد أن كاد جيش المسلمين يقضي عليه
وحين عادوا للمدينة قال الناس لهم يا فرار ولكن النبي صلي الله عليه وسلم قال لهم بل الكرار إن شاء الله " وهنا لما علمت قريش بخبر مؤتة نقضوا عهدهم مع النبي صلي الله عليه وسلم وهجموا علي حليفتهم خزاعة وأرسل الخزاعيون إلي النبي صلي الله عليه وسلم يستنجدون به " فأعلن النبي صلي الله عليه وسلم استعداده لفتح مكة "
استبساله يوم احد
روي مسلم عن انس بن مالك أن رسول الله ص أفرد يوم أحد في سبعة من الأنصار ورجلين من قريش فلما أرهقوه قال من يردهم عنا وله الجنة و هو رفيقي في الجنة فتقدم رجل من الأنصار فقاتل حتي قتل ثم رمقوه أيضا فلم يزل كذلك حتي قتل السبعة هو عمارة بن اليزيد بن السكن قاتل حتي أثبتته الجراح فسقط
صحيح مسلم ج8ص7
وروي انه ص كسرت رباعيته وشج في رأسه فجعل يمسح الدم عنه و يقول كيف يفلح قوم شجوا وجه نبيهم وكسروا رباعيته وهو يدعوهم إلي الله فأنزل الله عز وجل ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم " وفي رواية النسائي عن جابر قصته إن الأنصار تجمعوا واحدا واحدا حتي قتلوا ثم يقوم طلحة فقاتل قتال الأحد عشر حتي ضربت يده فقطعت أصابعه وروي الترمذي أن النبي صلي الله عليه وسلم قال فيه " من ينظر إلي شهيد يمشي علي وجه الأرض فلينظر إلي طلحة بن عبيد الله "
الرحيق المختوم
وهذا إن دل فإنما يدل علي استبسال أصحابه ص فداء له
وقال ص " ما وقفت موقفا قط أغيظ من هذا " ثم جئ بالشهداء واحدا تلوا الآخر إلي جانب حمزة فيصلي النبي صلي الله عليه وسلم عليهم حتي بلغت مرات الصلاة عليه اثنتين وسبعين وهو عدد الشهداء في احد
وحينما مات حمزة بن عبد المطلب حزن النبي صلي الله عليه وسلم حزنا شديدا وفر المشركون وصاحوا مات حمزة أما مصعب بن عمير فكان يحمل الراية وكان قريب الشبه بالنبي صلي الله عليه وسلم فلما قتل صاح قاتله قتلت محمدا وسطر الرعب علي قلوب المسلمين وبدؤا يفرون وهنا أمر النبي صلي الله عليه وسلم بتسليم الراية لعلي بن أبي طالب وأسرع المسلمون ليدركوا النبي صلي الله عليه وسلم ليدافعوا عنه وقد جرح وشجت رأسه وخده مشقوق وانغرست فيه حلقتان من الزرد وسعد بن أبي وقاص يرمي بالسهام وجموع أخري تدافع عنه ص والنبي صلي الله عليه وسلم يقول له " ارم بابي أنت وأمي "
وصاح عمر بن الخطاب إن النبي لم يزل حيا أما أبي بن خلف فقد اقتحم بفرسه وأراد أن يبارز محمدا وكان يركب فرسه الذي كان يقول له ص إني أعده لأقتلك من عليه ؟ فأجاب النبي صلي الله عليه وسلم بل أقتلك أنا بإذن الله ولما رأي المسلمون ذلك خافوا عليه ص ولكنه رفض وصمم أن يبارزه هو علي الرغم من جراحه ثم ضربه ص ضربة واحدة ألقته صريعا فتكلم أبي بن خلف كلمة واحدة قتلتني ثم مات "
وحينما انتهت المعركة وقتل من المسلمين سبعين شهيدا وكان حول النبي صلي الله عليه وسلم الأنصار يواسونه ونوح النساء لأقاربهم فأمر النبي الله ص أن يبكين لحمزة سيد الشهداء حين قال ص ولكن حمزة لا بواكي له " وبكي النبي صلي الله عليه وسلم بكاء مريرا لفقد حمزة وكانت هذه النكسة بسبب الرماة الذين خالفوا أمر النبي صلي الله عليه وسلم وتركوا أماكنهم ومع ذلك لم يعاقبهم النبي ص
وفي غزوة الخندق علم النبي صلي الله عليه وسلم بوجود جيش كبير من الأحزاب تآمروا ضده كلهم جاؤا ليفتكوا به وأشار علي أصحابه ما الحيلة اهتدي إلي رأي سلمان الفارسي بحفر خندق وأقبلت قريش في عشرة آلاف وعسكروا علي تلال مرتفعة تواجه المدينة والمسلمون في داخل المدينة أمامهم والخندق بينهم
وأغرت قريش يهود بني قريظة المقيمين في ناحية من المدينة بالتحالف مع قريش وهنا أعلنت اليهود نقض عهدهم مع النبي صلي الله عليه وسلم وتأكد النبي صلي الله عليه وسلم من ذلك عن طريق رسله وأشار أصحابه بمحاربتهم ولكنه ص اكتفي بان أرسل جناحا من الجيش لمواجهتهم إن هم غدروا بالمسلمين من هذه الناحية وعجز المسلمون عن مواجهة قتال المشركين أمام الخندق فأمرهم النبي صلي الله عليه وسلم بالنزول من أعلي الجبال وأن يتحصنوا وراء الأسوار0وخاف بعض ضعاف المسلمين وقالوا إن بيوتنا عورة وهنا فكر بعض أصحابه بقطع رقابهم ولكن النبي صلي الله عليه وسلم رفض و تركهم وشانهم ؟
عفوه ص
في غزوة خيبر أهدت زينب بنت الحارث شاة مسمومة إلي النبي وسالت عن أحب عضو إليه فيها فقيل الذراع فأكثرت السم فيها وجاءت بها فلما وضعتها بين يديه تناول الذراع فلاك منها ومعه بشر بن البراء فاخذ منها مضغة فأما بشر فاستساغها وأما الرسول ص فلفظها وقال إن العظم ليخبرني انه مسموم ثم دعا بها فاعترفت فقال ما حملك علي هذا ؟ قالت بلغت من قومي ما لم يخف عليك فقلت إن كان ملكا استرحت منه وان كان نبيا فستخبر فتجاوز النبي صلي الله عليه وسلم عنها ثم مات بشر من أكلته .
وكان ص عائدا من غزوة ذات الرقاع فنام فانسل رجل والمسلمون في غزوة
حتي قام علي رأس الرسول ص بالسيف وقال من يمنعك مني ؟ قال الله فسقط السيف من يد الرجل فأخذه رسول الله ص وقال ومن يمنعك مني فقال الرجل كن خير آخذ فقال الرسول ص قل اشهد أن لا اله إلا الله واني رسول الله فقال الرجل لا غير أني لا أقاتلك ولا أكون معك ولا أكون مع قوم يقاتلونك فخلي سبيله فجاء الرجل إلي أهله وقال جئتكم من عند خير البشر0
ولما عفا عن أهل مكة حين الفتح وقال لهم ما تظنون أني فاعل بكم قالوا أخ كريم وابن أخ كريم "قال اذهبوا فانتم الطلقاء "0
وخطب النبي صلي الله عليه وسلم خطبة الفتح فقال " يا معشر قريش إن الله اذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظمها بالإباء الناس من ادم وادم من تراب ثم تلا قوله تعالي " يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثي وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم "
ثم قال يا معشر قريش ما تظنون أني فاعل بكم قالوا أخ كريم وابن أخ كريم قال اذهبوا فانتم الطلقاء 0
ونذكر جيدا أن النبي صلي الله عليه وسلم حين دخل في الطائف واتاه جبريل فقال لو أردت أن أطبق عليهم الاخشبين ولكن النبي صلي الله عليه وسلم قال لعل الله يخرج من أصلابهم من يعبده ولا يشرك به شيئا " .
انه ص لا يريد ريادة فقط ولكنه ذو قلب فاق الكون كله رحمة الله للعالمين ويقول وهب بن منبه قرأت في واحد وسبعين كتابا فوجدت في جميعها أن النبي صلي الله عليه وسلم أرجح الناس عقلا وأفضلهم رأيا وفي رواية أخري إن الله لم يعط جميع الناس من بدء الدنيا إلي انقضائها من العقل في جنب عقله ص إلا كحبة رمل من رمال الدنيا ص 46
ر ولما دخل ص مكة وقد مضي الي ذي طوي وكان يضع رأسه تواضعا لله حين رئي ما أكرمه الله به من الفتح حتي كاد يمس وسطه الرجل " الرحيق المختوم ص37
الرحمة
وليس في سجل المودة الانسانية اجمل ولا اكرم من حنانه علي مرضعته حليمة ومن حفاوته بها وقد جاوز الاربعين فيلقاها هاتفا امي امي ويفرش رداءه ويعطيها من الابل والشاة ما يغنيها في السنة الجدباء وما فعله بحليمة السعدية واخته الشيماء حيث عفا عنهم جميعا وكذلك عمه له من الرضاعة وكذلك مع ام ايمن لم ينس لها مودتها بقية حياته وشغله ان قال " من سره ان يتزوج من اهل الجنة فليتزوج ام ايمن ويقول انس خدمت النبي صلي الله عليه وسلم عشر سنينن فما قال لي اف قط ولا قال لشيء صنعته لم صنعته ولا لشيء تركته لم تركته كان ص اذا كره شيئا رؤي في وجهه واذا رضي عرف من حوله رضاه " وقال ص " ان الله كتب الاحسان في كل شيء فاذا قتلتم فاحسنوا القتلة واذا ذبحتم فاحسنوا الذبحة وليحد احدكم شفرته وليرح ذبيحته وكان ص اشد حياء من العذراء في خدرها " ما اعظم العظمات فهي تلك التي تجذب اليها الاصحاب والتابعين من كل معدن وكل طراز وهي التي يتقابلفي حبها رجال بينهم من التفاوت مثل ما بين ابي بكر وعلي وبين عمر وعثمان وبين خالد ومعاذ كلهم عظيم وكلهم مع ذلك مخالف في وصف العظمة لسواه ذلك هي العظمة التي اتسعت وتعدد نواحيها حتي اصبح فيها ناحية مقابلة لكل خلق واصبح فيها قطب جاذب لكل معدن واصبحت تجمع اليها البأس والحلم والحيلة والصراحة والالمعية والاجتهاد وحنكة السن وحمية الشباب وما استحقها محمد الا بنفس غنيت بالحب وخلصت له حتي اعطت كل محب لها كفاءة ما يعطيها مودة بمودة وصفاء بصفاء
ص 137 د/ اسماعيل حلمي
ما رواه الامام احمد عن عبد الله بن جعفر قال اردفني رسول الله ص ذات يوم خلفه فاسر الي حديثا لا اجذبه احدا ابدا وكان رسول الله ص احب ما استتر به في حاجبه هدف او حائش نخل فدخل يوما حائطا من حيطان الانصار فاذا جمل قد اتاه فجرجر وذرفت عيناه وقال بهز وعفان فلما راي رسول الله ص ذرفت عيناه فمسح رسول الله ص سراته وزفراه العظم الشاخص خلف الاذن فسكن فقال من صاحب الجمل فجاء فتي من الانصار فقال هو لي يا رسول الله فقال رسول الله ص اما تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكها الله انه شكا لي انك تجيعه " رواه مسلم
قال تعالي " لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم " سورة التوبة 0
لما اسلم ثنانة بن أثال أقسم لأهل مكة أنه لن يرسل إليهم حبة حنطة من اليمامة حتي يأذن الرسول ص ثم عاد إلي اليمامة فمنع قومه أن يحملوا إلي مكة الحنطة فلما علم النبي ص منعه من ذلك
ومن رقته
وجاءته خصومة له صلي الله عليه وسلم فخرج اليهم فقال "إنما انا بشر وانه يأتيني الخصم لعل بعضكم ان يكون ابلغ من بعض فاحسب انه صدق فاقضي له بذلك فمتي قضيت له بحق مسلم فانما هي قطعة من النار فلياخذها او يتركها " .
وقال ص من لم يرحم صغيرنا ويعرف حق كبيرنا فليس منا " وقال ص ابغوني الضعفاء فانما ترزقون بضعفائكم" ويقول ص " ما استكبر من اكل مع خادمه وركب الجمال بالاسواق واعتقل الشاة فحلبها "
حينا نزل الوحي مؤكدا نفاق عبد الله بن سلول ووقيعته بين الأوس والخزرج وفتنته بين المهاجرين والأنصار وظن الجميع إن النبي صلي الله عليه وسلم سيأمر بقتله وشاع الخبر فجاء ابنه إلي النبي صلي الله عليه وسلم وقال إن ما كنت فاعلا ذلك فمرني به وأنا احمل رأسه إليك فوالله لقد علمت الخزرج ما كان بها من رجل أبر بوالده مني واني لأخشي أن تأمر به غيري فيقتله فيقول ص يا ولدي إنا لا نقتله بل نترفق به نحسن صحبته ما بقي معنا ولقد فعل ص أكثر فلما مات بن سلول كفنه ص في قميصه واستغفر له وصلي عليه فلما روجع في ذلك قال في حزن والله ما يغني قميصي عنه من الله شيئا والله لو علمت أن استغفاري له أكثر من سبعين مرة ينجيه لاستغفرت له
وعن الحسن والحسين روي الترمذي عن مالك رضي الله عنه سئل النبي صلي الله عليه وسلم أي أهل بيتك أحب إليك قال الحسن والحسين " وقال ص " هما ريحانتان من الدنيا "
وكان ص يلاعب حفيديه الحسن والحسين وكانا يركبان علي ظهره فمر أحد أصحابه ورأي هذا المنظر الجميل فقال نعم الركوبة ركبتما علي ظهر سيد الخلق فرد رسول الله ص بقوله نعم الراكبان وكان رسول الله ص يتبسط مع الصبيان الصغار ويجري بينهم مسابقة الجري فيصفهم صفا واحدا ويقف بعيدا عنهم ويقول من يأتيني أولا فله كذا وكذا يعني جائزة فينطلق الصغار نحوه فيعطيه ما وعده به
ويري النبي صلي الله عليه وسلم رجلا يضرب عبده فيقول " الله اقدر عليك منك عليه " فقال له الرجل هو حر لوجه الله " فقال ص " أما انك لو لم تفعل للفحتك النار "
أيما رجل أعتق امرأ مسلما استقذ الله بكل عضو منه عضوا من النار "
وفي فتح مكة طلب النبي صلي الله عليه وسلم ألا تراق قطرة دم إلا اضطرارا كما أمرهم أن يجعلهم مباغتة حتي لا يحدث هناك عراك وحرب ولكن قريشا تنبهت
وعلم النبي صلي الله عليه وسلم أن سعد بن عبادة الذي ولاه النبي صلي الله عليه وسلم علي الراية خرج إلي مكة يقول اليوم يوم الملحمة اليوم تستحل الحرمة " فأمر النبي صلي الله عليه وسلم علي بن أبي طالب " أدركه فخذ الراية منه " فكن أنت الذي تدخل بها
وأعلن أبو سفيان إسلامه بعد أن أقنعه العباس بن عبد المطلب عم النبي صلي الله عليه وسلم بذلك وقال العباس يا رسول الله إن أبا سفيان رجل يحب الفخر فاجعل له شيئا فقال ص " من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ومن أغلق بابه فهو آمن ومن دخل المسجد فهو آمن ثم يقوم ص بتحطيم الأوثان في مكة وحولها وجاءته هند بنت عتبة التي بقرت بطن عمه راكعة أمام قدمه تطلب العفو فعفا عنها النبي صلي الله عليه وسلم وجاءه رجل كان قد بلغ من إيذائه وهو في مكة ولا حظ أن الرجل يخشاه ويهابه حتي ارتعشت أقدامه فقال له ص عليك " إنما أنا بن امرأة من قريش كانت تأكل القديد في مكة "
وكان ص يحلب شاته ويخصف نعله ويخدم نفسه ويعلف ناضحه أي البعير التي يستقي عليه الماء فإذا رأي الخدم لهم عملا يماثل عمل النبي صلي الله عليه وسلم ومالك أمرهم فتلك المساواة التي تمسح ضير الخدمة
الزهد
كان زهده ص ) المثل الأعلي في الزهد لأنه كان زهد القادر ولم يستأثر بشيء من المال الكثير الذي كان يأتيه من الغنائم والفيء والجزية بل اقتصر علي الخمس ثم لم يمسك درهما من هذا الخمس بل أنفقه في وجوهه وقوت به المسلمين واسعد به غيره وقال ما يسرني أن لي أحدا ذهب يبيت عندي منه دينارا إلا دينار ارصده لديني وقد توفي صلي الله عليه وسلم ودرعه مرهونة في نفقة عياله وقالت عائشة ما شبع آل محمد منذ قدم المدينة من طعام البر ثلاث ليال تباعا حتي قيض وقالت أيضا لم يمتلئ جوف النبي شبعا قط وكان لا يسال أهله طعاما ولا يشتهيه إن أطعموه أكل وما أطعموه وما سقوه شرب
وأخرج مسلم عن أبي هريرة قال خرج رسول الله ص ذات يوم أو ليلة فإذا هو بابي بكر وعمر فقال ما أخرجكما من بيوتكما هذه الساعة ؟ قالا الجوع يا رسول الله قال أنا والذي نفسي بيده لأخرجني الذي أخرجكما قوموا فقاموا معه فأتي رجلا من الأنصار فإذا هو ليس في بيته فلما رأته المرأة قالت مرحبا وأهلا فقال لها رسول الله ص أين فلان قالت ذهب يستعذب لنا من الماء إذ جاء الأنصاري فنظر إلي رسول الله وصاحبيه ثم قال الحمد لله ما أحد اليوم أكرم أضيافا مني قال فانطلق فجاءهم بعذق فيه بسر وتمر وقال كلوا من هذه واخذ المدية فقال له رسول الله ص " إياك والحلوب فذبح لهم فأكلوا من الشاة ومن ذلك العذق وشربوا فلما شبعوا ورووا قال رسول الله ص لأبي بكر وعمر والذي نفسي بيده لتسألن عن هذا النعيم يوم القيامة أخرجكم من بيوتكم الجوع ثم لم ترجعوا حتي أصابكم هذا النعيم " وأخرج مسلم من حديث بن انس أن امرأة كان في عقلها شيء فقالت يا رسول الله إن لي إليك حاجة فقال يا أم فلان انظري أي السكك شئت حتي أقضي لك حاجتك فخلا معها في بعض الطرق حتي فرغت من حاجتها "
وعن الزهري عن عمارة بن خزيمة أن عم حدثة وهو من أصحابه ص قال إن النبي صلي الله عليه وسلم إذا ابتاع فرسا من أعرابي فاستبق النبي صلي الله عليه وسلم ليعطيه ثمن الفرس فأسرع النبي صلي الله عليه وسلم وأبطأ الأعرابي فطفق رجال يعرضون للأعرابي يساومونه بالفرس لا يشعرون أن النبي صلي الله عليه وسلم ابتاعه حتي زاد بعضهم للأعرابي في السوق علي الثمن الذي ابتاعه النبي صلي الله عليه وسلم فنادي الأعرابي فقال لئن كنت مبتاعا هذا الفرس فابتعه وإلا بعته فقال النبي صلي الله عليه وسلم حين سمع نداء الأعرابي أو ليس هذا الفرس قد ابتعته منك قال لا والله وما بعتك فقال بلي قد ابتعته منك فطفق الناس يلوذون بالنبي صلي الله عليه وسلم والأعرابي يقول هلم شهيدا فليشهد إني قد بايعتك فمن جاء من المسلمين قال للأعرابي ويلك إنه النبي صلي الله عليه وسلم لم يكن يقول إلا حقا
وعن أنس أن رجلا أتي النبي فسال فأعطاه غنما بين جبلين فأتي الرجل قومه فقال اسلموا فان محمدا يعطي عطاء من لا يخشي الفقر
الحياء
فيما روي عن النبي صلي الله عليه وسلم انه كان أشد حياء من العذراء في خدرها إلا العلم فان النبي صلي الله عليه وسلم لم يكن ليستحيي وقد قال إن الله لا يستحيي من الحق "
وعن أبي سعيد الخدري قال قال ص كان من شدة حيائه كأنه جارية في خدرها
التواضع
وروي انه ص كان في سفر وامر اصحابه باصلاح شاة فقال رجل يا رسول الله علي ذبحها وقال اخر علي سلخها وقال اخر علي طبخها فقال عليه الصلاة والسلام وانا علي جمع الحطب قالوا يا رسول الله نكفيك ذلك قال علمت انكم تكفونني ولكني اكره ان اكون متميزا بين اصحابي " وابي والمسلمون يعملون في حفر الخندق حول المدينة الا ان يعمل بيديه لولا انها سنة حميدة ستنها للرؤساء في حمل التكاليف لاعفي نفسه من ذلك العمل واعفاه المسلمون منه شاكرين
"وكان ص مع نسائه لطيفا وكن تسعا ماتت خديجة اولهن وكان ص رمزا من رموز السماحة والعدل والرفق والتلطف معهن وكان يراعي طبائعن ومع ذلك لم يتافف من غيرة عائشة مع انها اصغرهن وكان يقول لها " انا لك كابي زرع لام زرع غير اني لا اطلقك " رواه البخاري
وكان يداعبهن وكان يسابق عائشة وكان يخصف النعل ويحلب الشاة ويقم المنزل ويخيط ملابسه لم يكن مذلة منه ولكن تواضعا لنسائه واهل بيته وكان يقول " خيركم خيركم لاهله وانا خيركم لاهلي " وكانت عائشة احبهن اليه فكان يقول اللهم هذا قسمي فيما املك فلا تؤاخذني فيما لا املك "
وروي لما راح يغتسل امسك حذيفة بن اليماني الثوب يستر رسول الله صلي الله عليه وسلم حتي اغتسل ثم نزل حذيفة ليغتسل فتناول رسول الله ص الثوب وقام يستر حذيفة عن الناس فأبي حذيفة وقال بابي أنت وأمي يا رسول الله لا تفعل فأبي رسول الله صلي الله عليه وسلم إلا أن يستر حذيفة بالثوب حتي اغتسل وروي عن انس بن مالك قال ما كان شخصا أحب إلينا من رسول الله ص كنا إذا رأيناه لم نقم له لما نعلم من كراهته لذلك
قال تعالي لقد من الله علي المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وان كانوا من قبل لفي ضلال مبين " آل عمران
عن عائشة رضي الله عنها قال ما خير رسول الله ص في أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما فان كان إثما كان ابعد الناس عنه وما انتقم رسول الله ص لنفسه إلا أن تنتهك حرمة الله عز و وجل وعن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت ما رأيت رسول الله ص منتصرا من ظلامة ظلمها قط إلا أن تنتهك من محارم الله عز وجل كان أشدهم في ذلك وما خير بين أمرين إلا اختارا يسرهما
وعن معاوية بن مرة عن انس بن مالك رضي الله عنه قال كان رسول الله ص إذا صافح رجلا لم ينزع يده حتي يكون الرجل هو الذي يصرف ولم ير ص منه ركبتيه بين يدي جليس قط
الوفاء بالعهد
وقد وفي بعهوده مع قريش حتي نصره الله مع اعتراض كثير من المسلمين وأما وفور عقله وذكاء لبه وقوة حواسه وفصاحة لسانه فكان أعقل الناس وأذكاهم ومن تأمل تدبيره أمر بواطن الخلق وظواهرهم وسياسة العامة والخاصة من عجيب شمائله وبديع سيرة فضلا عن ما أفاض من العلم وقرره من الشرع دون تعلم سبق ولا ممارسة تقدمت ولا مطالعة للكتب منه دليل رجحان عقله وثقوب فهمه لأول بديهة وهذا من ما لا يحتاج إلي تقريره لتحقق
ويقول بن كثير " معلوم لكل ذي لب أن محمدا ص من أعقل خلق الله تعالي بل أعقلهم علي الإطلاق في نفس الأمر " البداية والنهاية لابن كثير ج 6 ص 65
ومن حبه وانتمائه لوطنه يقول ص فيما رواه أبو داوود الطيالسي عن عبد الله قال قال رسول الله ص لا تسبوا قريشا فان عالمها يملا الأرض علما اللهم انك أذقت أولها وبالا فأذق آخرها نوالا "
جزاء معاديه والمسيء اليه ص
وحينما جاءه وفد بني عامر وكان علي رأسه الطفيل الذي بت امرأ مع فرد آخر بقتل النبي صلي الله عليه وسلم غدرا أثناء استقباله وقد اسلم قومه وقالوا له يا عامر إن الناس اسلموا فاسلم " وهنا يرد عليهم قائلا والله لقد كنت آليت ألا انتهي حتي تتبع العرب عقبي فإما أتبع عقب هذا الفتي من قريش " واتفق مع شريكه باغتيال الرسول ص ولما أتي النبي صلي الله عليه وسلم قال له يا محمد خالني أي لتخلو إلي لأتحدث معك فقال ص لا والله حتي تؤمن بالله وحده ورسوله " وجعل يتكلم معه ليعطي فرصة لشريكه باغتيال النبي صلي الله عليه وسلم وظل يكرر كلامه من النبي صلي الله عليه وسلم يكرر قوله وكان ينتظر أن يأتي الثاني باغتيال النبي صلي الله عليه وسلم من الخلف ولما لم يجد ذلك من النبي صلي الله عليه وسلم قال " أما والله لأملأنها عليك خيلا ورجالا " فما كان منه ص إلا أن قال " اللهم اكفني عامر فلما خرجا قال عامر لشريكه " ويلك أين ما كنت أمرتك به " قال أسيد والله ما هممت بالذي أمرتني به إلا دخلت يقصد عامر بيني وبين الرجل النبي صلي الله عليه وسلم حتي ما أري غيرك أمامي فأضربك بالسيف وأثناء عودتهم أصاب عامر الطاعون بينما هو في بيت امرأة يلهو بها وهكذا يموت عدو رسول الله مذلولا مفضوحا أما اربد فقد سلط الله عليه صاعقة فأحرقته ليكون عبرة
وعن انس بن مالك أن النبي صلي الله عليه وسلم دخل مكة وعليه مغفر فقيل له هذا بن خطل متعلق بأستار الكعبة فقال اقتلوه " البخاري ومسلم
بن خطل بن عبد العزي لما اسلم سمي عبد الله ارتد بعد إسلامه وقتل مسلما يخدمه لما أرسله النبي صلي الله عليه وسلم علي الصدقة وهجي الرسول ص والمسلمين أما الذي قتله يوم الفتح أبو برزة الاسمي بين الرحل والمقام أما تعلقه بأستار الكعبة فإنما كان خوفا من القتل وليس إيمانا منه وأما استباحة دمه في الأشهر الحرم فانه لا ينافي وعده ص في قوله من دخل المسجد فهو امن " لأن بن خطل كان من الأربعة الذين طلب النبي صلي الله عليه وسلم قتلهم أينما وجدوا " كتاب أوصاف النبي
فحين أهدر النبي صلي الله عليه وسلم دم هذا الشاعر كما أهدر دم شعراء آخرين ممن هاجموا النبي صلي الله عليه وسلم والإسلام في شخصه إنما كان يحارب من أجل دين البشرية جميعا ولم يكن يدافع عن شخصه هو فالنبي صلي الله عليه وسلم حليم غاية الحلم حين يلقي الكفار التراب علي وجهه وهو يصلي لان هذا عدوان واقع عليه فهو عليه الصلاة والسلام بشر رسول كما جاء بنص القران وهو الذي أدبه ربه فأحسن تأديبه وهو علي خلق عظيم فهو يعفو علي من يعتدي علي بشر فيه ولكنه نبي وحامل رسالته وليس من المعقول أن يعفو علي من يعتدي علي الرسول فيه والذين هجوه هجوا فيه الرسول لا البشر " والرسول هنا هو حامل رسالة الله ذو القوة المتين " ص 24 -25
فالنبي محمد يا أخي المؤمن نبي لم يسبق له مثيل في دنيا الأنبياء فقد كان لكل منهم معجزة زالت مع الأيام لان كلا منهم جاء لقوم بذاتهم وكانت معجزاته موجهه لهؤلاء القوم وحدهم ولكن النبي البشر جاء للناس كافة وللعالم اجمع ولكل الأزمان حتي يرث الله الأرض ومن عليها فلم يكن عجبا يا أخي انه لم يكن له صرح سليمان ذو القوارير ولا عرف لسان الطير ولا سخرت له الجن ولا كان عجيبا ألا تأكل عصاه ما صنعه الساحرون ولم يكن عجيبا إلا يشق له البحر "
انه نبي فريد من نوعه ارتضي الله له أن ينهزم جنده في موقعة أحد حتي يثقوا إن نبيهم بشر من ا لبشر وإنهم إن لم يبذلوا جهدهم لنصرة دينهم فإنهم منخذلون " ثروت أباظة ص 32-33مكتبة مصر بالفجالة 1999
والنبي صلي الله عليه وسلم محمي بحماية السماء ومحفوظ بحفظ الله في حياته وبعد موته فأي إساءة لشخصه ص هي إساءة مباشرة إلي رسوله ولم يكن رسوله فقط ولكنه حبيبه وخليله كما اخبرنا به ص فحين تجد هناك تجاوزت في حقه ص فاعلم أن الله لن يترك من يبادره بالعداء أو السب العلني أو السخرية أو غيره اعلم أن الله لن يتركه وسوف يعاقبه بما يجعله عبرة لمن يعتبر
بلاغته ص
جعل الله نبيه محمد ص أميا في بلد اغلبهم أميون لا يعرفون القراءة ولا الكتابة
ولكنهم اشتهروا بالفصاحة وكانت اللغة هي صناعتهم يقدرون قيمة الكلمة ومعناها وفحواها وقد تربي النبي صلي الله عليه وسلم في بني سعد حيث مرضعته حليمة السعدية وسط شعاب مكة وجبالها وهو ما كنت تقوم به العرب لأولادها لتصلح لهم الأبدان واللسان وقد صح بذلك النبي صلي الله عليه وسلم بحكم نشأته بدنيا ولغويا إلي جانب ما أعطاه الله من نور البصيرة وصفاء القلب كل ذلك جعل منه ص ابلغ الناس علي الإطلاق
قال تعالي " وما أرسلنا من رسول إلا لسان قومه ليبين لهم " سورة إبراهيم
فكان اختيار الله له علي هذا النحو هو أمر طبيعي فالبشر لا يقتنعون إلا بالمتميزين أو من يلفتون انتباههم فكيف مثلا بنبي عيي وسط قوم بلغا ء كيف يلتفتون إليه ويهتمون بأمره ويكون هو قائدهم ومغير عقيدتهم التي هي من الأمور التي يصعب علي الفرد أن يتخطاها إلا بصعوبة بالغة وباقتناع شديد وربما ضحي بحياته لأجلها
ولكن هل بلاغة النبي صلي الله عليه وسلم كانت في نثره أم أنه يميل إلي الشعر
وبالتأكيد فالشعر يتنافي مع النبوة ومع متطلباتها وهو يعتبر عيب
ولهذا نجد أن الله تعالي قال " والشعراء يتبعهم الغاوون ألم تر أنهم في كل واد يهيمون وأنهم يقولون ما لا يفعلون " وكان هذا بعد أن اتهموه بالشعر فانتساب الشعر إلي النبي صلي الله عليه وسلم هو تهمة وادعاء لان الشعراء متقلبوا المشاعر بعيدوا الخيال لا يصدقون في ما يقولون وهذا من صناعتهم التي محورها الخيال وعدم الواقع فكيف بنبي أن يكون شاعرا لن يتبعه العقلاء
إن اختيار أن يكون النبي شاعرا هو أمر من ضروب الخيال بل هو عدم عقلانية لأن الله يختاره علي عينه ومع ذلك كان النبي صلي الله عليه وسلم أميا علم البشرية كلها ومع ذلك كان لا يكتب ولا يقرأ وظل علي هذا النحو حتي بعد أن أصبح نبيا وهو يعلم أصحابه الذين يقرءون ويكتبون وكان في غزوة بدر لكي يعتق الأسري يقوم الفرد من المتعلمين القراءة والكتابة من اسري المشركين بتعليم عشرة من المسلمين ولم يفكر ص أن يتعلم القراءة ولا الكتابة
ونجد أن ذلك أفضل بل هو اختيار من الله لذلك لأنه ص لو كان يقرأ ويكتب لظن البعض أن ما يأتي به من قبيل التعلم والنقل أو التأثر بالآخرين ربما كان ذلك دافعا إلي التقول في رسالته وعدم الصدق فيما تقول خاصة وأن معجزته كانت هي القرآن وأنه نشأ في بلد الفصاحة والبلاغة ومع ذلك كان أفصح العرب
نثر النبي صلي الله عليه وسلم بعيد عن التأثير الوجداني والإيقاع الموسيقي بل نقول إن الشعر ميدان ذلك وموضوعه فصاحبه غير مطالب في أكثر الأحوال بالتزام التدقيق بتصرف ويقول الرافعي والذي عندنا انه ص لم يمنع إقامة وزن الشعر في إنشاده إلا انه منع من إنشائه فلو استقام له وزن بيت واحد لغلبت عليه الفطرة القوية فخرج الإنشاد وخرج بذلك لا محالة إلي القول والاتساع والي أن يكون شاعرا ولو كان شاعرا لذهب مذاهب العرب التي تبعثه عليها طبيعة أرضهم ثم لا يكون من جملته إلا أن يصرف عن الدعوة وعما هو ازكي بالنبوة وأشبه بفضائل القران لأنه تعالي يعلم من غيب المصلحة لعباده انه ص لو أقام وزن بيت لأمال به عمود الدين ثم تصدع الأساس الاجتماعي العظيم الذي جاء به القران ويقول عبد القاهر الجرجاني ويبقي أن نعلم انه ليس المنع في ذلك منع التنزيه والكراهة بل سبيل الوزن في منعه عليه السلام إياه سبيل الخط حين جعل عليه السلام لا يقرا ولا يكتب فان لم يكن المنع من اجل كراهة كانت في الخط بل لان تكون الحجة أبهي وابهر والدلالة اقوي واظهر ولتكون أفخم للجاحد واقمع للمعاند .
ص دلائل الإعجاز 22
ونحن نفهم أن تكون الحجة اقوي واظهر والدلالة اقوي واعم وانه إذا تكلم الرسول وجاء بما اعجز الشعراء ولكن أية حجة في أن يكسر بيتا فيلحقه من سامعيه ما يسيء لا عيب عند العرب إطلاقا ولكن العيب أن تنطق بيتا .
إرسال تعليق
إرسال تعليق