رجـــب الشــيخ
حكمـة الشـيوخ وعنفـوان الشـباب
بقلم/ حسـين الساعـدي
منذ فجر الأرض عند عتبة الزمن الأول دون في تاريخ سومر أول وأقدم نص (أغنية حب) في تراث الإنسانية ، تتلوها زوجة ملكية في طقس ديني يعرف بأسم (الزواج المقدس) ، تقول الزوجة في أغنيتها (لقد أسرت قلبي .. فدعني أقف بحضرتك وأنا خائفة مرتعشة .. أيها العريس دعني أدللك .. فأن تدليلي أطعم وأشهى من الشهد ) . حمل (رجب الشيخ) العبق الجنوبي من صباه ومازال شيخاً ستيني يتدفق حباً ورث (أغنية الحب) الأول منذ ستة ألاف سنة .
بين (غوايتك لها أثر/ 2015) و(نهارات مؤجلة/ 2016) ، يكشف الشاعر (رجب الشيخ) عن أنفعالاته المؤثرة في المتلقي عن طريق أستخدامه للغة وألفاظ معبرة ليجعلهم يعيشون تجربته وأنفعالاته عبر صورة شعرية رائعة . فهو يسلك في لغته الشعرية طريقاً يجعله يبدع في توليد المعاني ، لأن (اللغة عملية إبداعية) ، فهي تكشف أمكانيات الشاعر في تعامله مع القواعد اللغوية وكيفية الأستفادة منها في التعبير عن الدلالات النفسية والأنفعالات الوجدانية المتدفقة التي تعكس حقيقة مشاعره فتظهرها في إطار رمزي .
أن تكوين(رجب الشيخ) القبلي وما يحمله من موروث أجتماعي ومكانة بين أفراد قبيلته وهو الذي عبر الستين من عمره لا يتعارض ونضجه الشعري وجرأته في التغزل ، عندما يتقمص طباع الشاب المتمرد ، وقد ينم هذا التمرد عن حالة صراع بين حكمة الشيوخ وعنفوان الشباب ، وطابع هذا التنازع يستند الى طبيعة صراع أفكار وإختلاف رؤى . ولكن رجب الشيخ استطاع ان يقلص الفجوة مابين الجيلين ويكون من الرجال الذين جمعوا بين همة الشباب وحكمة الشيوخ . وصدق عميد الادب العربي طه حسين حين قال:(طوبى لمن جمع بين همة الشباب وحكمة الشيوخ) .
إذن نصوص رجب الشيخ هي رسائل غرامية أدبية رائعة ، تتسم بالإنسيابية والإنسجام الشعري ، وهذه النصوص لم تكن نتاج براعة فنية ولا سرد شعري وإنما الجرأة في النصوص وتجاوزها المألوف .
لو أردنا أن نسأل رجب الشيخ لمن تكتب ومن تكون حبيبتك ؟ سوف يكون جوابه: لا وجود لها بل أنا أكتب لحبيبتي الكائنة في نفسي .
أن رجب الشيخ ينظر الى المرأة نظرة صوفية كواحدة من مكونات الوجود ، فهو عندما يتغزل بها كأروع ما يكون التغزل، مع صدق المشاعر ورقة اللفظ والأسلوب وهدوء النبرة ، فالشاعر رجب الشيخ يزاوج بين العاطفة المصحوبة ببوح جميل دافىء ، وبحس دقيق ولغة هادئة سهلة وعبارة بليغة . كذلك هو يكشف عن مقدرته في بناء الجملة والتراكيب اللغوية والبلاغية في بناء الجملة . لأن طبيعة الشعر تفهم من خلال بناء الألفاظ على نسق معين يعطي صفتها وحيويتها كتعبير أنفعالي وجداني .
إرسال تعليق
إرسال تعليق