عكاز
هذا العبىء الثقيل يرافقني منذ سنيين وآن الاوان للتخلص من هذا العكاز الغبي الذي بات جزاءً مني رماه بعيداً عن الرصيف وحاول ان يتماسك بجهد مضني .إلا إن انه راح بعيداً صوب عالم كثيرا ما تمنى ان يكون فيه .وعندما وصل الى واجهة احدى المحال انعكست صورته على زجاج المدخل فأنق هندامه وسوى ياقة قميصهُ المورد تفرس ملامحة فهاله ان يرى شعره قد غادره الشيب .واستوت ملامح وجهة وزالت كل التجاعيد عنه .دقق في الساعة كان الوقت لازل مبكراً على اللقاء .تعمد التاخير وخطط ان يراقبها وهي تنتظر قدومه أخذ يتلصص عليها من خلف احد الجذوع وهي تراقب الطريق بقلق تتلفت تهم بالنهوض ثم تعود الى الانتظار .وقف خلفها وبصوت كلهمس ..احبك ..وكأن احدهم افرق قواها وتماسكها ..مدت ذراعيها للخلف فتلقفة راحتيه المغمسيتن بالدفىء ضم رأسها بكفيه واغدق عليها حنين اربعون عاماً من الهيام قالت له في اخر مرة قبل ان تغادر ألازلت تحبني ..
-واه لو اعدنا الكره كل عام وفي كوثر الحور لاخترتك كل يوم فأنت رئتي وكلما احتضنك اشعر انها المرة الاولى لقد غادرنا الابناء وها نحن لوحدنا من جديد
_قالت كن قويا اشعر باني مغادرك في اي وقت رغم اني ادمنتك .
_ومن لي بعدك .وما جدوى البقاء
استعاد وعيه .بينما كان الاطباء يحقنوه بالابر واجهزة التخطيط تصفر برتابهتا المعهوده
_مالذي جرى يا ابي لمَ خرجت لوحدك
_كانت تنتضرني ولم اشىء ان اتاخر عنها منذ عشره سنوات وهي تنتضرني هناك على مقعدها الاثير والتي كانت تحبها
_واه يا ابي انها رحلت .كلنا نحبها .وهذا قدرنا جميعاً
لِمَ يا ابي تخليت عن عكازك لتسقط على الطريق اخبرني بذاك صاحب المقهى
لقد مللت عكازي الاحمق كانت خشنه وانا تعودت ان اتعكز على ساعد زوجتي عمراً
_قدركم ان تعيشوا بُني وقدري ان اكون معها .قبلني يا بني لاحمل قبلتك اليها فقد كنت اثيراً اليها بين اخوتك اسرع يا بني الوقت ينفذ
احتضنه بحنين وهو ينزف اخر دمعه وصفير اجهزت القلب اخذت تخفت بوداع اخير كان الصمت في كل مكان إلا تلك الدمعه الاخير التي كانت لاتزال تنحدر الى الاسفل من عين ملئتها الظلمه
محمود البستاني
1_8_2016
إرسال تعليق
إرسال تعليق