
[10] نحو رؤية ضاربة في العمق
صفحة من كتابي: [نظرية النطق]
بقلم: يحيى محمد سمونة
هل ترسم العلمانية لمستقبل الإنسان ؟
ذات يوم كان نجم الدين أربكان رئيسا لوزراء تركيا و كان يمثل تيارا دينيا في الوقت الذي ينص فيه دستور الدولة التركي على أن يكون نظام الحكم فيها علمانيا ــ بمعنى أن يكون نظاما لا دينيا ــ و منذ أن برز دور الإعلام في حياتنا المعاصرة و إلى اليوم كلنا يعرف تماما من يقف وراء الماكينة الإعلامية في الأرض قاطبة و ما هو دورها الحقيقي ــ و لعل دور هذه الماكينة في تركيا المعاصرة منذ أيام أتاتورك و إلى اليوم هو الأقوى و هو الذي يوجه الرأي العام كيف شاء ـ
و قد أراد الإعلام أن يلفت نظر الرأي العام التركي إلى مسألة التناقض الحاصل ما بين دستور ينص على علمانية الدولة و بين ما هو يمارس عمليا من كون رئيس الوزراء يمثل تيارا دينياــ طبعا ثمة أياد خفية كانت وراء خلق حالة التناقض هذه بين دستور الدولة و الممارسة الواقعية لها ــ لقد أثار الإعلام مشكلة التناقض ذاك من خلاك قصة تم التحضير لها بمكر و دهاء و ذلك بغية إبقاء شعوب المنطقة في حالة من التخبط و عدم الاستقرار !! ذلك كما تعلمون أن الاستقرار يعني الازدهار ، و هذا ما لا يجب أن يكون في أية دولة من دول المنطقة عموما ما عدا الاستثناء الوحيد الذي تعرفون.
و إليكم القصة:
في زمن أربكان كان في تركيا شيخ من المتصوفة له الكثير من الأتباع و المريدين من الرجال و النساء، و لم يكن مصادفة أن يتفق هذا الشيخ مع واحدة ممن يحضر درسه على الزواج منها، بل كان من كان وراء التدبير لهذه القصة بحيث تتجلى حالة التناقض بين دستور دولة منصوص عليه و بين المواجهة الحقيقية للوقائع و الأحداث!!
و كان أن تم الأمر بين الشيخ و تلك المرأة من أتباعه و في ساعة الدخول بها كانت الشرطة الجنائية و بمرافقة العديد من رجال الإعلام بالمرصاد و ذلك بدعوى الممارسة غير المشروعة بين رجل و امرأة .. باعتبار أن هذا الزواج لم يتم التأكيد عليه في دوائر الدولة، بل كان بموجب عقد قران خارجي
في الدفاع قال الشيخ أنه يمارس حقا مشروعا و أنه سيقاضي الشرطة و الإعلام على فعلتهم تلك.
و في محضر الاتهام فإن الدولة لا تعترف إلا بما تم توثيقه في دوائرها
فعلى أي أساس سيصدر القاضي حكمه في ذلك ؟ على ما يقوله الشرع؟ أم على ما يقوله قانون دولة التي لا تحكم باسم الدين؟
و كتب: يحيى محمد سمونة. حلب
إرسال تعليق
إرسال تعليق