
لسلة قصص الحرب والموت والخوف
قصة الاولى
الحروب من الموت
كنت اسكن مع عائلتي بهدوء في مدينة تلعفر حيث يعيش فيها التركمان من طائفتين (شيعة ,سنة) ؛حتى بنفس المنزل هناك اختلافات وهي مقبولة ؛يعني حتى انا واهلي كنا من طائفتين ونعيش بسلام ؛حيث لدية اعمام (6) منهم (3) من طائفة الشيعة واخرى(3) من طائفة السنة ونحن لا نهتم من ذلك ,نعيش بالحب والالفة ,اما انا فلي (7) اخوة (2) يتبعون الطائفة الشيعة والاخرون (5) يتبعون الطائفة (السنة),بالحقيقية المدينة متعددة الطوائف ونحن نعيش بها بالألفة والمودة قلوبنا متوحدة ومملؤة بالحب ,حتى جاء عام (2005) ,حدث ما كان بالحسبان ,فقدت الحكومة السيطرة على المدينة واختفت كل المظاهر الحكومية وكانت حرب بين الطوائف وبزعامة تنظيم القاعدة الذي دخل المدينة محاولا" السيطرة عليها ,لمن تكون المدينة ,كان فنون القتل والارهاب تعصف باهل المدينة ,وكنت اقف لا تفرج على جثث الاهالي وهي تملئ المدينة شباب,اطفال,نساء كانت الحياة مأساوية جدا" مملؤة بالخوف والدمار ولون الدم وتزايد عدد الانفجارات بالعبوات الناسفة او السيارات المفخخة والاغتيالات العشوائية ,رغم ذلك استمرت الحياة بهذا المنظر ,كنت افكر في فقط في اقاربي من جنود وضباط مرابطين في مطار (تلعفر) ولازالوا يقامون التنظيم ببسالة وشجاعة فائقة ,اما امريكان كانت بالقرب منا تتفرج محصنة نفسها بنهاية المدينة بمعسكرين كبيرين حتى تكبر وتعظم الحرب الاهلية الدائرة بالمدينة , حقا" حدث لهم ما كانوا يرغبون تعظمت المشكلة وتطورت الى مرحلة خطيرة ,حتى كبار رجال المدينة وقفوا عاجزين عن الحل ,كلا الطرفين مسلحين بسلاح متكامل وجيش جرار والحرب بينهم مستمرة والاهالي بالمنتصف هم الضحية ,ضاقت بي الاحوال كرهت انا ارى الجثث بالشوارع ولون الدم بهذا قررت السفر الى مركز مدينة الموصل وعشت هناك انا وعائلتي لغاية سنة2009 ,رغم ان الجيش الامريكي افتتح باب التطوع سنة 2007 للجيش الشرطة حتى يتكون جيش وشرطة تستطيع الدخول والقضاء على تنظيم القاعدة ,وانتهى فعلا" لكن الاثار بقيت بسبب كثرة التفجيرات التي ارتكبها التنظيم واعمال القتل والتعذيب للشباب ,وبالأخص مع من تعاون مع التنظيم من اهالي المدينة كانت المشكلة؛ لان اغلب الشباب الذين تعرضوا للتعذيب تركوا المدينة حتى لا يتم اعتقالهم مرة اخرى وذويهم يودون معاقبة من تسبب باعتقالهم وتعرضهم للتعذيب الجسدي والنفسي حتى كرهوا الحياة ,وهناك شاهدت عيون الثكالى من تسال عن ولدها الذي اختفى ولا اثر له بعد اعتقاله من قبل التنظيم ,سادت ثقافة الانتقام واستمرت الامور السيئة ,بالنسبة الى عدت الى المدينة سنة2009 تعبت من الغربة واحببت العودة الى مدينتي الغالية (تلعفر) وهناك شاهدت الحزن لازال يخيم على المدينة ,حتى سنة 2010 حيث بدأت افكار تنظيم القاعدة تتحول نحو تنظيم جديد اطلق عليه داعش ,وظهرت اولى البؤرات داخل المدينة انظم كثير من الشباب اليهم ليس بدافع الدين كما يعتقد الكثيرون بل بدافع الانتقام من جهة اعتقلتهم يوما ما ولصوص ارادوا سبب للسرقة او تسهيل عملية السرقة ,واخرون من دعاة البغاء الذين يتلذذون بأعراض الناس الفقراء باسم الدين , كابوس حل على المدينة واستمر معنا واصبح شيء رسمي وجيش يحاصر المدينة شهر (6) سنة2014 ,انه جيش الموت يحاصر المدينة ما سبق ارحم الان جيش الظلام آت الهروب كان كانه يوم القيامة فزع الاهالي للهرب الى مدينة (سنجار) التي هي تحت حكم البشمركة الاكراد واخرون ذهبوا الى مدينة الموصل والقرى المجاورة ,اما انا فقررت ان اخذ اهلي واهرب لكن تأخرت قليلا" بسبب اخوتي الضباط احدهما في العاصمة بغداد والاخر مرابط الحدود ,الهروب الى المجهول كان ليلا" اتصلت بإخوتي ليكون هناك في مدينة (كركوك) بانتظارنا , وليلا" تهيأت مع عائلتي الى الفرار فاتصلت بسائق سيارة متوسط الحجم لتكفي للأطفال والنساء , اشتدت المعركة اصبحت القنابل تلقى على المنازل لان هناك ثكنات عسكرية للجيش والشرطة تقاوم عصابات داعش بقوة وكنا نحن بالمنتصف ارض المعركة وحيث تسقط القنابل ,انتظرت الى الفجر حتى يهدأ القصف واستغلت الفرصة وجاءت السيارة لتقللني انا وعائلتي وركب جميع اهلي وانا اركب السيارة سمعت سيدة تصرخ طالبة النجدة ذهبت الى جهة الصوت وجدت امرأة واطفال صغار يطلبون المساعدة بالفرار من المدينة اخذتهم معي الى السيارة ركب الجميع ولم يبقى مكان لأركب معهم وكانت خيوط الشمس بدأت تظهر وكان الامر مرعبا" لي فطلبت من السائق ان يسرع بهم وان ابقى بالمنزل لحين فرصة اخرى تمنح لي للهرب , عدت الى المنزل اقفلت الباب حتى لا يعرف احد انا هنا ,كان الهدوء يعم المنطقة التي اسكن بها مجرد اشباح فقط البيوت فارغة من ساكنيها الجميع هرب الا ان بقيت هنا , اتصلت باهلي لا طمئن بوصلهم الى مدينة (كركوك) والتحاق اخوتي بهم ,كان هذا الامر قد اعطاني الراحة النفسية رغم اني باقي هنا وسط الموت ,المعركة استمرت وانا حبيس المنزل باقي هناك كان لحسن الحظ مياه الاسالة متوفرة ولم تقطع لأنها تزود من سد الموصل ,استمر بي الحال ل(10) ايام متواصلة ما يعزيني ويقرح قلبي اهلي حيث اسمع اخبارهم واطمئن عليهم ,استمر الامر الى الاسوء حيث اقتربت عصابات داعش من القرية ,قطت الكهرباء ودخلت العصابات الى المدينة واحكموا السيطرة وانا باقي في ذلك الظلام اعيش مع ذكريات عائلتي واتصل بهم ,فجاءة احسست بحركة بالمدينة هناك بعض من العوائل عادوا اليها ومنهم صديقي وجاري الذي يملك عمارة سكنية ومحال تجارية ,اتصلت به فاخبرني انه عاد كانت عودته لأنه صاحب ملك لعمارة سكنية ومحال تجارية وان يعطي اشارة الى عصابات التنظيم انه صاحب موجود الملك حتى لا يغتصبوا امواله , اتفقنا وقررنا الهرب ولكن الوضع كان سيء للهرب العصابات منعت الناس من الخروج من المدينة لذلك قرر صديقي ان اسكن في احدى الشقق التي يمتلكها وهو بقي في منزله المجاور وكان يجلب لي الطعام والشراب واهتم بي كثيرا",وبقيت هناك لمدة شهرين حتى اتصلت بي اصدقائي من الطفولة وهم يسكنون بأحد المدن بأطراف قضاء القائم طلبوا مني الذهاب الى مدينة (الموصل) حيث هناك لديهم منزل تركوه عندما دخلت عصابات داعش وذهبوا الى مدينة (اربيل) الامر هنا ان اختفي وسط الكثافة السكانية لمدينة الموصل ,فبقي هنا طريقة الخروج من مدينة (تلعفر) فكرت كثيرا" حتى تذكرت ان لي صديق له سيارة (براد لخزن المثلجات) ,انها افضل طريقة للهروب الى داخل مدينة الموصل ولا ارى احد هناك, اتصلت به فورا" فأجابني بالقبول واتى لي فجرا" وقت ذهابه الى داخل المدينة لنقل المثلجات وركبت معه وتخفيت بها وعبرنا الى داخل المدينة حيث وصلت الى وبقيت هناك سنة ونصف كنت لا اخرج الا متخفيا" بلبس نظارة شمية مع شفقة لغرض مهم منها سحب اموال محولة من اهلي وشراء الطعام والسجائر ...
الايام توالت علي برعب والم وخوف وفكرت كثيرا" بالفرار الى بر الامان ,في احد الايام اتصلي بي ابن خالتي واخبرني بانه مستعد ان يهربني الى تركيا ,حقيقة رحبت بالفكرة فورا" لأني لا اريد سوى شيء واحد هو ان اخرج من هذا الجحيم ..الخطة ان يأتي الي من ثم نهرب الى احد مدن القائم وبعدها الى تركيا,جاء ابن خالتي بسيارة كبيرة لنقل المواد الغذائية وتخفيت بينهم وعبرنا الصحراء الى تلك المدينة باطراف قضاء القائم , كانت المدينة مريحة جدا" لان لايوجد من يعرفني تحركت بحرية كاملة ,فكرت بعدها ان اصل الى مدينة (بغداد) تحركت بسيارة ركاب صغيرة مع بعض العوائل ولكن لسوء الحظ تم الامساك بنا من قبل عصابات داعش واخذوا منا الهويات وتم ارجاعنا الى مدينة رواة مرة اخرى بقيت لديهم الهويات لمدة شهرين كاملين وبعدها اعيدت الينا وبحثت عن مفر اخر ,كان الطريق الى سوريا مفتوح ففكرت ان انطلق الى هناك من ثم الى تركيا , هناك المعارك شديدة جدا بين المعارضة وداعش والجيش ووصلت من مدينة الى اخرى حتى وصلت الى (ريف حلب) ومن ثم الى مدينة (عزاز ) كانت معارك كبيرة دائرة هناك والطرق مقطعة ولا استطيع التقدم اكثر لان مستمرة ورجعت مرة اخرى الى مدينة سوريا" وبقائي اصبح بلا معنى فقررت العودة الى العراق ,اتصلت بشخص من اهل (قضاء القائم ) كنت اعرفه منذ زمن عن طريق الانترنت ,,فستجاب لي وتم ادخالي الى مدينة القائم وبقيت معه ليومان في قرية قرب ( قضاء القائم) هناك حيث اخبرني بانه سوف ينقلني الى مدينة بغداد ,كان الوقت شهر رمضان المبارك فقرر الخروج بعد الافطار وعبرنا بقارب صغير نهر هناك حتى وصلنا الى السيارة التي تنتظرني هناك لنقلي الى بغداد ركبت بها مع عائلة مكونة من نساء واطفال وصلنا الى الصحراء الساعة (9) مساء" وهناك نزلنا بانتظار سيارة اخرى تقلنا الى بغداد حسب الاتفاق ,وصلت السيارة الاخرى ركبنا بها وعندما بدأ التحرك وجدنا سيارة لعصابات داعش تقترب منا فطلب مني الساق النزول لأني الوحيد رجل بها خوفا" على حياتي واختفى بين الاشواك لاني في الصحراء حتى يذهبوا واعود ,لان عصابات داعش كانت لا تسال من في السيارة اذا كانوا عائلة فقط الرجال وبهذا يتحدثون مع السائق فقط , اقتربوا وتحدثوا مع السائق واخبرهم بان من في السيارة عائلته ذاهب بهم الى القرية المجاوة فتركوه وانا اراقب من بعيد وطلبوا من السائق ان يتحرك وهم ينظرون اليه حتى ابتعد وتحركوا هم ورائه وانا انظر اليهم وهم يبتعدون عني وانا بين الاشواك انتظر حتى اختفوا وبقيت هناك مع علبة سكائر وقنينة ماء وحيدا" في تلك الصحراء المخيفة حيث اصوات الذئاب والضباع من بعيد ,كان قراري ان ابقى بنفس المكان حتى الصباح وبعدها ارى ما افعل ؛عند بزوغ خيوط الشمس الاولى قمت وتحركت متبعا" اثر السيارة حتى رايت سيارة استوقفتها فكان السائق عائدا" بعد ان اوصل العائلة الى الموصل عبر سيطرة للجيش عالكليو 160 الخط السريع ,فركبت معه حتى وصلنا الى جسر المذلة بيزيز حيث يجب علي دفع رشوة ,ولم يكن امامي سوى الدفع ما مقداره (500$) دفعتها رشوة العبور حيث لا يتعرض للتفتيش وتدقيق الهوية والحاسبة الالكترونية من يدفعها وانا كذلك ,وعدم الدفع يعني عدم العبور ,حصل ذلك وعبرت الى مدينة بغداد من ثم الى اربيل واخيرا" حط رحالي في كركوك حيث عائلتي واطفالي ,,,,,,, منتظرا" الشمس تشرق من جديد على مدينتي الباسلة (تلعفر) لاعود اليها
انتهى
نيسان نصري / العراق

إرسال تعليق
إرسال تعليق