
التوظيف المدهش في المجموعة القصصية (الخوف ظل طويل)
بقلم عامر الساعدي
...........................................................................
عملية المتعة في النصوص القصصية وعملية الربط بين الواقعية ، وصلتني المجموعة القصصية " الخوف ظل طويل " للقاصة العراقية ( منى الصراف ) للظل خوف طويل .. مجموعة قصصية تضم قصص تتحدث بها عن واقع ، أو على الاغلب تتحدث عن واقع حقيقي ، العنوان أول ما يشد المتلقي فاختيارها للعنوان لي اعتباطا انما جاء بعد ما غربلة قصصها لتخرج بحصيلة موفقة لمنجزها .
خوف/ ظل / طويل / لو قطعنا الثلاث كلمات كل واحدة على حدا ماذا سيخرج حاصل كل كلمة ومفردة لوجدنا عملية توظيفية درامية بحتة في العنوان ، "الخوف" عبارات الخوف كثيرة وادلتها كثيرة لكن ما تقصده خوف ملموس ، أو خوف آخر ، خوف آني ، أم خوف مستقبلي ، لابد من أثبات عملية الخوف بدليل قاطع من خلال التوظيف لعنوان المجموعة .
ــ الدليل ــ الخوف ــ في قصة ( الموت الاخضر) صفحة (117) تقول القاصة منى الصراف "صراع بين الوجود وعدمه ، وبين المرئي واللامرئي" هذا دليل على ان عملية اختيار الجزء لاول من العنوان لم يكن اعتباطا وانما أتى من خلال ما تراه حاصل للخروج بنتيجة ايجابية ، هذا الصراح الابدي بين الوجود والعدم هو ما كانت تبغيه لاطلاق القريحة ما تجود به واكثر ، ولانها انثى ارادت ان تقول بين الحروف أن الانثى أقوى واشد مما يتصوره الرجل بين قوسين ، وبين المرئي واللامرئي ، هي انقالة أخرى لهذه الانثى التي تكلمت عنها القاصة ، أي الملوس وغير الملموس والعيش بين هذا وذاك الادعاء ، نعم فالعالم المرئي يحتاج الى حذر، انا اللامرئي فيحتاج الى تهيء لما سوف يكون ، أو ياتي بعد هذا .
في الجزء الاخر من العنوان "الظل "أي ضلا كانت تقصده ظل الشجر ، ظل القمر ، ظل الرجل ، أم ظل اشياء اخرى جامدة ومتحركة ، اشياء ملموسة ، عملية الربط بين الخوف والظل عملية انسانية اولا قبل أن تكون عملية عنوان لكتابا يصدر ، أو مجرد عملية أملاء الغلاف ، المحور الاساسي الذي كانت تدور كانت تقصد ظل الرجل كونها أنثى وعليها أن تتحدث بلسان جنسها ، لنأخذ الاخير اقرب الاحتمالات وأقربها للمجموعة ،حوله القاصة الصراف ما هو الا عملية معنى اساسية كي يتلائم العنوان مع ما وضعته في جوف الكتاب ، لنأخذ دليلا آخر.
ــ الدليل ــ الظل ــ في قصة ( لا لن اموت في الظل ) صفحة 97 تؤكد في عنوان القصة على التأكيد الحتمي ب (لا) تلك اللا الناهية التي لاقرار بعدها لتجزم بالقطعية " لا ولن" ما الصلة التي تكمل اللا ولن علما ان الاثنان هو نفي وجزم ، عند استخدامها لا الناهية ويكون الفعلان المعرضان للجزم مع هذه الحروف هما فعلي الشرط و جواب الشرط .
اما "لن" ، وهنا يسبق الفعل المضارع فيفيد بأن هذا الفعل لن يحدث في المستقبل ، نفهم من كلام القاصة الصراف بأن الموت والظل هما فعلان لابد منهما لكنها ارادت وأن تبرهن قوة المراة الشرقية ودفاعها عن حقها انما من دافع انساني فالمكابرة لابد منها ، كذلك ارادت التأكيد بأن الظل زائل حتما ومؤكد هذا من خلال قولها في نفس القصة والصفحة .
في عتمة الليل / وعند عودة النهار يعود مرة اخرى يلتصق بي / يلعب معي تلك اللعبة الغبية / يلتصق بي من جديد / بقدميّ / وحين كبرت عرفت انه غبي.. هنا القاصة اكدت على أن الظل مجرد خيوط وهمية لانفع منها لاتحرك ساكنا ، رغم انهم استخدمت الرمز في التلاعب والتوظيف في القصة وجعلت العبارة عبارة دهشه ، عودة النهار ، يلعب معي تلك اللعبة ، يلتصق بقدمي، وحين كبرت عرفت انه غبي ، هذا هو التوظيف الحقيقي للقصة القصيرة الجيدة.
من خلال ما جاء في المجموعة يتبين ان القاصة الصراف قد وضفت المجموعة توظيف دقيق من خلال التنوع القصصي وكما قلت الواقعية واضف اليها عنصر اخر الاسلوبية ، فالاسلوبية اهم مقومات نجاح العمل الادبي مهما كان جنسه ، لذا كلمة حق تقال ان القاصة الصراف كانت مهلكة ومتعبة وهي توظف المجموعة من حيث ترتيب النصوص ، العنوان كان وجيها حينما جمعت ثلاث كلمات وثلاث مفردات معا لتخرج بشيء اجمل عنوان يشد المتلقي ويجعله يبحر ويبحث عن مضمون الماهية له.
اذن " الخوف ، الظل ، طويل" ماذا تقصد بكلمة الطويل ، الوجع ، الالم ، الحزن ، الكآبة ،أو هناك غاية أخرى بمقصدها نعم كأنها تقول هناك شيء موجود في حلقة العنوان للمجموعة ولابد من دليل .
ــ الدليل ــ طويل ــ في قصة (ترانيم وسادة) صفحة 103 تؤكد بهذه القصة على ماهية المعنى لكلمة طويل من خلال الخلجات التي وضفتها بتقنية عالية وحرفنه قاص يعرف كيف يجعل من اسلوبه اسلوب بسيط وبنفس الوقت عميق المعنى .
تقول القاصة الصراف ، حياة طويلة مضنية / وطريق امتلأت بالعثرات / بحكمتها جعلتها درب نور / لعوالم نسجتها مخليتها ، وتقول / الدنيا دائمة الدوران / فكل شيء في الاخر سيعود لها، هذا انموذجا اخر من ما تؤكده القاصة ببرهان الكلام ، عملية ربط بين الحياة والعثرات التي تمر ، لكنها وباصرار كبير تعود بقوة وكبرياء شرقيتها ، الدنيا دائمة الدوران ، هنا تبين مدى حاجة الانثى بالحياة ، ومدى تحملها لكل شيء لكي تجعل من الحياة حياة اخرى ، بحكمتها ، وصبرها ، وقوتها ، وكبريائها ، والمفتاح الذي تملكه بأستطاعتها التغلب على الصعاب بكل سهولة ، واخيرا انا استمتعت بقرأتي للمجموعة ، كنت سعيدا بهذا الاهداء من القاصة منى الصراف. المجموعة تستحق القراءة.
تمنياتي لها بأنجازات اخرى ، واعمال اكثر دهشة .

إرسال تعليق
إرسال تعليق