
***** شِيْص ُ البساتين ِ *****
نصٌّ مفتوح ٌ / عبد الله عبّاس خضيّر
آخِر ُ نخلة ٍ
في البستان ِ
تسكنُها العصافير ُ
النّساء ُ
والصّبيان ُ
والطيور ُ
جمعوا
عنابر َ التّمر ِ
من آخِر ِ نخلة ْ
شبِعَت ْ
الطيور ُ
والأغنام ُ
وحتّى السّلاحف ُ
اهتبلَت ْ
جمرة َ الظّهيرة ِ
فمدّت ْ
أعناقَها المتلصصة َ
صاعدة ً
جرف َ النّهيرات ِ الصّغيرة ِ
التي لا تُعَد ُّ ...
هكذا
أوصانا أبونا
وهو يغرس ُ الفسيل َ
( للطّير وما خِلق الله )
حين َ
يكتمل ُ الگِصاص ُ والجمع ُ
وتُتخَم ُ العنابر ُ
يكون ُ جدّي
قد أكمل َ
سَفيفَتَه ُ الطّويلة
كأسطورة خَلق ٍ
والتي تفوح ُ منها
رائحة ُ الخُوص ِ
المُبلّل ِ بالماء ِ ...
بعدَها
تشتغل ُ المدابس ُ
بأقصى طاقتِها
جارية ً أنهارا ً
من دبس ِ الدّمعة ِ
لذا
لم تفارقْني الدّمعة ُ
يوما ً ...
حينَها
يُعلن ُ الخريف ُ
عن نفسِه ِ
بثوبِه ِ الرّماديِّ
وقشعريرة ِبرد ٍ
لذيذ ٍ
في الفجر ِ
مع قَطَرَات ِ النّدى
تبلّل ُزرقة َالسّماء ِ ...
العُشّاق ُ
والمواويل ُ
والأحلام ُ الطّافية ُ
في وشوشات ِ السّعَف ...
شيء ٌ واحد ٌ
كان يُؤرّقني
لعلّ
كلّ عذاباتِنا
تناسلت ْ
من أحفادِه ِ
فيما بعد ...
ذاك َ
الكلب ُ النّابح ُ
أعلى البُستان ِ ...
مَنْ
تُرى
ينبح ْ ... !
لاحقا ً
رَحَل َ البُستان ُ
وحَكَمَتْنا
الكلاب ْ ...
من سجن ِ المدرسة ِ
نعود ُ
بعد َ
أنْ مَللْناها أُمّا ً
تطير ُ
تحتَنا الأرجُل ُ
تجنح ُ الشّمس ُ
نحو َ الغُروب ِ
ناشرة ً
ثوبَها الجَمْريَّ
على غُييْمات ِ الشّفق ...
في الطّريق ِ
نمُر ُّ
على نخلة ِ الشّيص ِ
الطّويلة ...
الطّويلة ِ جدّا ً
كقصّة ِ هُبوط ِ
أبينا آدم ْ ...
مَن ْ
سيُصيب ُ الأعذاق َ
اللائذة َ بالسّعَف ِ ؟
نبدأ ُ
مباراة ً سريعة ً
نجمعُ
شيئا ً من الشّيص ِ
فالشّيص ُ
ألَذ ُّ
بعد أن غادَرَنا
الرّطب ...
البصري ُّ
نخلة ٌ
يحرُسُها
نهر ٌ
ويسكنُها
عصفور ٌ
ويهفُّ عليها
موّال ...
في جمرة ِ الظّهيرة ِ
عَبْرَ
سُقوف ِ السّعف ِ
والأعذاق ِ المتدلّية ِ
نخِف ُّ
نحو َ دجلة َ
التّيار ُ
يجرُف ُ
السُّدود َ
والزّوارق َ
والبشر َ
والأصنام َ
الأصنام َ كذلك ...
ومع قيامة ِ تمّوز َ
وفيضان ِ النّهر ِ
كان َ
وجه ُ العراق ِ
يتغيّر ُ
يتغيّر ُطوال َ التّاريخ ...
النّهر ُ أُم ٌّ
ومنجم ٌ
في ضيافتِه ِ
السّمك ُ
والرّطَب ُ
والصّبايا
والمواويل ُ
والمواعيد ُ
والجرار ُ
و... ياليل ...
لم تسمع ْ
قريتُنا
بالقتل ِ
إلاّ
في روايات ِ أبي زيد ٍ
يرويها الأجدادُ
على المواقد ِ
في الشّتاء ...
كيف َ
صرنا شيصا ً
تهرب ُ
منه البساتين ُ
وتجفوه ُ
الأنهار ُ
ويغادرُه ُ
تمّوز ُ
عابرا ً
نحو َ تُخوم ٍ جديدة ٍ
وراء َ
البوابات ِ السّبع ...
إرسال تعليق
إرسال تعليق