قصة قصيرة
يوميات مهاجر
كنت من الذين سحقتهم الحياة في بلدي ، فكرت كثيرا في الهجرة رغم تعلقي الكبير بعائلتي ، لا أشعر بطعم ما حولي ، لذا قررت الفرار هائما بتلك السطور التي أقرأها من كتبي حيث ازدحام الأفكار واضطرابها دون جدوى ، هكذا كنت أسبح في دائرة الفراغ محبطا يائسا ، الأيام تمرّ بسرعة كسحابة خفيفة تدفعها الريح ثم تتلاشى .
وفي مساء يوم كئيب رنّ جرس الهاتف من ياترى ؟
- مرحبا تفضل واثق على الخط معك .
- أهلا بك صديقي أنا علي ، اتصلت بك لأني أعرف كم تتوق نفسك للسفر .
- صديقي أنا مسافر الغد هل ترغب أن تكون بصحبتي ؟
- وكيف دبرت أمرك وأنت حالك أسوء من حالي .
- سأخرج لاجئا عن طريق التهريب . الآن قرر واحسم أمرك.
- حسنا سأكون معك .
وفي اليوم التالي سافرنا معا وليقينا ما هو غير متوقع من الصعاب فقد مات من مات ، وغرق من غرق ، قطعنا مسافات شاسعة مشيا على الأقدام إلى أن وصلنا ألمانيا وبعد كثير من المعاناة تركت ألمانيا وصديقي علي متوجها إلى إيطاليا . هناك عشت خمس سنوات ولا أنوي الرحيل أبدا ، تعلمت اللغة الطليانية ، حصلت على عمل ولي شقة كبيرة فيها الكثير من وسائل الراحة والرفاهية . صار لي كثير من الأصدقاء وخاصة النساء ، شقتي كانت أكثر فرحا مني بحضورهن حيث الروائح الزكية وليالي الأنس الغجرية . لا أخفيكم فقد أحببت ذات الشعر الأحمر من الأصول البرتغالية هي الأوفر في الترداد على الشقة لأنها تمتلك المفاتيح ولها أن تدخل وتخرج متى شاءت . فورموزا تلك الفتاة العشرينية صاحبة زرقة عين لم يخلق الله مثلهما ، حيوية ، شغوفة ، لا تمل من ملامسة جسدي ، هوسها زرار قميصي ورائحة جسمي .
- فورموزا ماذا يعني يا حلوتي
- تنسل من حظني بهدوء ، تجلب كأسا . الجزيرة الجميلة ياروحي هذا معنى أسمي .
وقبل أن تحضر الكأس ، قلت لها عزيزتي حركي جهاز السيدي فيه أغنية جميلة .
- حسنا ، أدارت قرص السيدي وقبل أن تجلس تغيّرت ملامح وجهها ، ما هذا القرف ما هذه الموسيقى ، أنها فضيعة ، كالجنائز . ثم قامت لتطفأ الجهاز وتتركني مع الأموات سارح الفكر . نعم هي موسيقى الأموات ، كانت أغنية من بلدي الذي لا يعرف معنى للحياة . أستيقظت وإذا بصوت المدفعية وازيز الرصاص يخرق أذني ، كان حلما في بلد الأحتضار .
(مصدق الخزاعي)
إرسال تعليق
إرسال تعليق