
يوميات رمضان ) _29
_ زقاق رمادي _
_________
اندحار غيوم أيلول يعاني ألام الفراق ، الأوراق تتناثر على جنبات زقاق رمادي ، اشتياق شاب تهشمه مسافات طويلة العنق ، الأيام تهجر حزناً شاحباً ، جارنا أبو محمد يكابد وجعاً كجبال سرمدية ، يده ذات الأصابع الثلاثة مازالت تتحرك ببطئ ، عقود ثمانية اجتاحت ذاك الجسد المتهافت على فراش مظلم ، فأسه يبكي في زاوية مهملة ، ( أين صديقي اليافع ... ) ، قال لزوجته قصيرة القوام ، ذاتَ الجسم الذي كاد أن يخرج من حفنة ثياب مهترئة، تئن روحي تحت سماء سحيقة ، السيارة تعانق الطريق كأنثى حمامة عادت من رحلتها المسائية ، ذاكرتي تسترجع قصصاً وروايات من الزمن الغابر ، رواها في ليالي كانون بأسلوبه المعتق ، كنبيذ جبلي ، مرات كثيرة تلك التي روى قصة مثل شعبي ، أو حكايا الزير سالم وتغريبة بني هلال ، ذات ليلة كان المطر يذرف دموعه الأثيرة ، قص بعضاً من مآثره ورحلاته بين البلدان والقرى، عندما كان راعياً للإبل ، وتاجراً لبعض حاجيات النساء ، قصص الحب لم تكن غائبة عن تلك الليالي الشتوية ، أخبرني مرة بأنه تزوج سبع نساء ، ابتسمت وقلت له يومها ، ( وأنا مازلت أبحث عن واحدة فقط ) ، أمست المسافة قصيرة جداً في ظهيرة يوم حار ، ( أبو محمد يطلبك يا بني ) ، قالت أمي وعيونها تنزوي خلف حاجبيها الأسودين ، لم أكن بحاجة لأذن الدخول ، الباب كان مفتوحا ً، أبو محمد يحتفل بآخر أنفاسه ، دنوت بهدوء فوق الجسد المسجى دمعتي الأخيرة تحاورني بازدراء ...
_______
وليد.ع.العايش
4 / 7 / 2016م
إرسال تعليق
إرسال تعليق