الحمل والطفل
pregnancy

0








شذرات من السيرة النبوية المعطرة
19 \ 42
بقلم د فالح الكيلاني
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله:
معركة ( بدر ) تعد اول معركة فاصلة في الاسلام . كانت بقيادة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم واسبابها تتلخص بخروج النبي صلى الله عليه وسلم في شهر جمادي الاخرة من السنة الثانية للهجرة للتصدي لعير لقريش وهي قاصدة الشام يقودها ابو سفيان وبعد وصولهم الى منطقة( ذي العشيرة) القريبة من ( بدر ) كانت العير قد تعدت ولم يلحقوا بها . فرجع النبي صلى الله عليه وسلم الى المدينة مع رجاله وعزم على ارسال رجلين لمتابعة العير وترقبها في عودتها عند الخروج من الشام قافلة الى ( مكة ) وبعد ان انجز التجار مهمتهم في الشام من بيع وشراء قفلوا راجعين من الشام قاصدين (مكة ) فلما وصلت العير منطقة ( الحوراء) جنوب الشام راجعة اسرع الرجلان الى المدينة واخبرا رسول الله صلى الله عليه وسلم برجوع القافلة فندب النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين لاعتراض العير فهيأ لها ثلاثمائة وثلاثة عشر او اربعة عشر رجلا.
وفي رواية اخرى ثلاثمائة وسبعة عشر رجلا منهم مائة وسبعون من المهاجرين ومائة وسبعة واربعون من الانصار منهم ستة وثمانين من الخزرج وواحد وستون من الاوس ولم يكن معهم الخيل الا فرسين احداهما (للزبير بن العوام ) والاخرى (للمقداد بن الاسود الكندي ) وكان معهم سبعون بعيرا فكان كل اثنين او ثلاثة على بعير واحد . واستخلف على المدينة المنورة (عبد الله بن مكتوم ) فلما وصلو ا الى منطقة (الروحاء) اعاد النبي صلى الله عليه وسلم (ابا لبابة بن عبد المنذر ) الى المدينة واستعمله عليها بدلا من عبد الله بن مكتوم . ثم عقد اللواء الى (مصعب بن عمير ) وعقد راية المهاجرين الى (علي بن ابي طالب ) و راية الانصار الى ( سعد بن معاذ ) ولما وصلوا الى منطقة ( الصفراء) بعث ( بسبس بن عمرو) و(عدي بن ابي الزغباء) يتحسسان اخبار القافلة القرشية الاتية من الشام . ومما يذكر ان قريش كانت تتاجر مع اليمن فتنزل قوافلها نحو الجنوب في فصل الشتاء باعتبار اليمن اشد حرارة من الحجاز في هذا الفصل وتتاجر مع الشام فتتجه قوافلها نحو الشمال في فصل الصيف كونها اكثر برودة من بلادهم في هذا الفصل وقد ذكرت هذه الحالة في القرآن الكريم قال تعالى :
( لايلاف قريش * ايلافهم رحلة الشتاء والصيف* فليعبدوا رب هذا البيت * الذي اطعمهم من جوع وآمنهم من خوف * )
خرج النبي صلى الله عليه وسلم قاصدا موضع (بدر) على بعد مائة وخمسين كم تقريبا جنوب غرب المدينة حيث تحيط بهذا المكان جبال عالية فهو مكان محصن لا يوجد فيه الا ثلاثة منافذ وهذه المنافذ هي ( العدوة الدنيا) في الشمال ( والعدوة القصوى) في الجنوب ومنفذ في الشرق قريبا من منفذ اخر يدخل منه اهل المدينة اليه وكان طريق القوافل الرئيسي بين (مكة ) والشام يمر عبر داخل هذا المحيط وكان فيها مساكن ونخيل و آبار تنزل عندها القوافل لغرض المشرب والمأكل لفترات مختلفة. فسلك النبي صلى الله عليه وسلم طريقا اخر غير الطريق الموصل الى ( بدر ) ثم تأخر في التقدم الى جهة( بدر ) والسبب في ذلك لكي لا يعلم من في العير القادمة بخروج المسلمين لعلهم ينزلون ببدر فيرتاحون ويريحون ابلهم . وكانت العير القادمة من الشام لقريش في الف بعير محملة باموال وامتعة و مواد تجارية مختلفة وعليها ( ابو سفيان بن حرب ) ومعه اربعين رجلا وكان (ابو سفيان) متيقظا وحذرا .
بلّغ ابو سفيان بخروج النبي صلى الله عليه وسلم للتصدي للقافلة وكان على مقربة من ( بدر ) فعرّج فيها الى طريق اخر باتجاه الغرب بناحية البحر بعيدا عن ( بدر) وبعث الى (مكة ) (ضمضم بن عمرو الغفاري) يستصرخ قريش بالنفير الى عيرهم لحمايتها ودفاعا عن اموالهم من ان تسلب فهبوا مستصرخين مسرعين حفاظا على اموالهم ولم يتخلف من اشرافهم الا (ابو لهب ) فانه استأجر رجلا مكانه اخر وحشدوا معهم كل القبائل التي مروا عليها ولم يتخلف من بطون قريش الا ( بني عدي).
بلغ النبي صلى الله عليه وسلم بخروج قريش فاستشار اصحابه فتكلم المهاجرون فاحسنوا ثم استشارهم فقال :
- (اشيروا علي ايها المسلمون )
قاصدا بذلك الانصار 
فقال سعد بن معاذ:
- ( كانك يارسول الله – وكان يعنيهم بالامر لانهم بايعوه – وكانك تخشى ان تكون الانصار ترى عليهم ان لا ينصرونك الا في ديارهم واني اقول عن الانصار واجيب عنهم فامض بنا حيث شئت وصل منا من شئت واقطع حبل من شئت وخذ من اموالنا ما شئت واعطنا منها ماشئت وما اخذت منها كان احب الينا مما تركت فوالله لئن سرت بنا حتى تبلغ (البرك ) في (غمدان) لنسير معك ووالله لئن استعرضت بنا هذا البحر لخضناه معك )
ثم تقدم الى (بدر ) فوصلها في نفس الليلة التي وصل لها المشركون من قريش فنزل في داخل موقع ( بدر) قريبا من( العدوة الدنيا) قال تعالى يخاطب المؤمنين :
( اذ انتم بالعدوة الدنيا وهم بالعدوة القصوى والركب اسفل منكم ولو تواعدتم لاختلفتم في الميعاد ولكن ليقضي الله امر كان مفعولا) الانفال\42 
فاشار عليه (الحباب بن المنذر) ان يتقدم فينزل على مقربة من الماء لكي يتمكن المسلمون من صنع حياض يجمعون فيها الماء لانفسهم ويغورون الابار فلا يبقى للعدو ماء يشربه ففعل ذلك صلى الله عليه وسلم ثم بنى له المسلمون عريشا يكون مقرا لقيادته وعينوا عليه حراسا من الانصار تحت امرة ( سعد بن معاذ ).
ثم تقدم النبي القائد صلى الله عليه وسلم ليعبئ جيشه وليتجول في ميدان القتال وهو يشير بيده الكريمة فيقول:
- هذا مصرع فلا ن وهذا مصرع فلان وغدا انشاء الله...
ثم بات ليلته يصلي الى جذع شجرة بينما بات المسلمون مستريحين تغمرهم الثقة بالنصر وكانت ليلة غائمة نزل فيها المطر وقد وصف الله تعالى المسلمين المقاتلين بقوله تعالى:
( اذ يغشيكم النعاس امنة منه وينزل عليكم من السماء ماءا ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الاقدام *) الانفال \11
وفي صباح هذا اليوم الجمعة السابع عشر من رمضان المبارك
من السنة الثانية للهجرة ترآى الجمعان فلما راى النبي قريشا وجيشهم رفع يديه وعينيه الى السماء داعيا :
( اللهم هذه قريش قد اقبلت بخيلائها وفخرها تحاك وتكذب رسولك . اللهم فنصرك الذي وعدتني . اللهم احنهم الغداة )
ثم عدل صفوف الجند وامرهم ان لا يبدؤا القتال حتى يأتيهم الامر وقال:
- ( اذا اكثبوكم فارموهم واستبقوا نبلكم ولا تسلوا السيوف حتى يغشوكم )
ثم رجع الى العريش يرافقه (ابو بكرالصديق) فابتهل الى الله تعالى ودعاه:
(اللهم ان تهلك هذه العصابة اليوم لا تعبد ابدا اللهم ان شئت لم تعبد اليوم ابدا) 
وبالغ في التضرع في الدعاء والتوسل بربه حتى سقط رداءه عن منكبيه فرده ( ابو بكر الصديق ) وقال له :
- حسبك يارسول الله الححت على ربك كثيرا ابشر فوالذي نفسي بيده لينجزن الله ما وعدك.
واستنصر المسلمون الله واستغاثوه بالنصر فاوحى الله الى الملائكة ما نزلت به الاية المباركة :
( اذ يوحي ربك الى الملائكة اني معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الاعناق واضربوا منهم كل بنان *)- الانفال \ 12
واوحى الى النبي صلى الله عليه وسلم:
( اذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم اني ممدكم بالف من الملائكة مردفين*) الانفال \ 9
ثم اقبلت قريش في كتائبها وجيوشها فقلل الله تعالى المسلمين في اعين القرشيين وقلل القرشيين في اعين المسلمين لامر الله تعالى اعلم به .
وفي الايات السابقة حالة جديدة من القتال علّمها الله تعالى لملائكته وللمسلمين وهي الضرب بالسيف فوق الاعناق اي على الراس وضربة الراس مميتة حتما و ( واضربوا منهم كل بنان ) واضربوهم على اصابع ايديهم فانها سهلة القطع ومن قطعت اصابعه لا يستطيع ان يفعل شيئا ولا يستطيع المقاتلة فيكون حاله كمن قتل او يكون اعزلا . فهذان موضعان في الانسان مهمان جدا فاذا ضرب العدو على راسه فانه يموت وينتهي منه واذا ضرب على اصابع يديه فقطت بنانه اصبح في حكم الميت في حالة القتال السوقي للمعارك .
وكذلك الاية الاتية :
( يا ايها الذين امنوا اذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الادبار * ومن يولهم يومئذ دبره- الا متحرفا لقتال او متحيزا الى فئة – فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير *)
الانفال 15و 16
ويبين الله تعالى حالة المقاتلين اثناء الحرب فاذا تم الزحف والتقى المؤمنون بالكافرين وحمي الوطيس فلا يمكن لاحد من المؤمنين ان يتراجع الى الخلف ابدا ا لا في حالتين اثنتين وهما حالتا استثناء : 
الاولى: اذا وجد ان موقعه غير ملائم وانه سيكون في موضع افضل في القتال السوقي .
والثانية: او يتراجع لينحاز الى فئة من جماعته تحتاجه اثناء القتال
وحرم الله تعالى الادبار في غير هذين الامرين على المؤمنين معتبرا من رجع الى الخلف او ادبر او ادار ظهره في المعركةكمن هرب منها فان الله تعالى سيغضب عليه ويكون حكمه بحكم الكافر فمصيره الى النار وبئس المصير. لانه نوع من التخاذل وهذا من فنون الحرب ايضا علمها القران الكريم الى النبي في ساحة القتال فابلغها النبي صلى الله عليه وسلم الى المسلمين . 
ثم عدل الحبيب المصطفى الجند وتهيؤوا للقتال.
اما المشركون فقد تراصوا واستفتح بالكلام او الدعاء ابو جهل فقال:
( اللهم اقطعنا للرحم وآتانا بما لا نعرفه فاحنه الغداة .
الله اينا كان احب اليك وارضى عندك فانصره اليوم ).
ثم تقدم الجيشان للمبارزة فخرج ثلاثة فرسان من قريش هم ( شيبة وعتبة اولاد ربيعة والوليد بن عتبة ) وخرج من المسلمين ثلاثة ايضا من الانصار فصاح المشركون :
- نريد ابناء عمومتنا .
فخرج لهم (الحمزة بن عبد المطلب ) و(ابن اخيه علي بن ابي طالب) وكان حدثا يافعا و (عبيدة بن الحارث ) فقتل علي الوليد بن عتبة وقتل حمزة شيبة وتقارع عبيدة وعتبة القتال فالتقت ضرباتهما واثخن كل واحد منهما الاخر فكرّ علي وحمزة على عتبة فقتلا ه ثم اخذا عبيدة بعد ان حملاه مجروحا وقد قطعت رجله فمات فيها بعد ان رجع الى المدينة بثلاثة او اربعة ايام.
فلما راى المشركون هذا الموقف استشاطوا غضبا وهجموا على المسلمين هجمة رجل واحد والنبي في عريشه فغفى اغفاءة قليلة ثم رفع راسه قائلا :
( ابشر ابا بكر اتاك نصر الله .هذا جبريل آخذ بعنان فرسه يقوده على ثناياه النقع ) 
اي على ارجله الغبار وكان الله تعالى امد المسلمين بالف من الملائكة مردفين كما نزلت الاية المباركة الوارد ذكرها اعلاه في ذلك . ثم تقدم النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول:
( سيهزم الجمع ويولون الدبر ) 
واخذ حفنة من تراب الارض ورمى بها في وجوه المشركين وهو يردد:
- شاهت الوجوه ... . شاهت الوجوه ......
وكانت هذه الحفنة من التراب قد اصابت كل المقاتلين من المشركين في عيونهم وانوفهم وفيها يقول الله تعالى:
( فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم وما رميت اذ رميت ولكن الله رمى* ) الانفال \18
ثم امر النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين بالهجوم على المشركين فراح المسلمون اليهم مسرعين بكل قوة وعزيمة ونشاط وقد ازدادوا وحماسا ونشاطا و بينهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرضهم على القتال فاخذوا يقلبون الصفوف ويقطعون الاعناق والبنان كما علمهم الله تعالى فنون القتال اضافة الى وجود الملائكة بينهم تقاتل معهم واستمرالقتال ساعات حتى انهزمت قريش ولاذت بالفرار من هول المعركة وكثرة ما قطع من روؤس المشركين فلحقهم المسلمون يطاردونهم فيقتلون او يؤسرون من لحقوا به .
وكان( سعد بن معاذ) واقفا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في رجال من الانصار في العريش فراى النبي الكراهية في وجه سعد فقال له :
( كانك تكره ما يصنع الناس)؟
فقال سعد : اجل يارسول الله كانت اول وقعة او قعها الله في الشركين وكان الاثخان في القتل احب الي من استبقاء الرجال.
ولما بردت الحرب قال النبي صلى الله عليه وسلم:
- ( من ينظر لنا ما صنع ابو جهل ؟)
وكان (ابو جهل) يتخفى في جماعة من المقاتلة المشركين تشكل سيوفهم ورماحهم سياجا عليه لئلا يقتله المسلمون وكان بجانب (عبد الرحمن بن عوف ) فارسان من الانصار بعمرالشباب هما ( معاذ ومعوذ ابنا عفراء ) فقال له احدهما :
ياعم ارني ابا جهل .
فقال له: وما تصنع به؟؟
قال له: اخبرت انه كان يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم فوالذي نفسي بيده لئن رأيته لايفا رق سوادي سواده حتى يموت الاعجل منا
فلما كثرت هزيمة قريش وبان ( ابو جهل ) دلاهما عليه عبد الرحمن فابتدراه بسيفيهما فضرباه ضربة رجل واحد فكان ان قطعت رجله واثخناه حتى سقط وبه رمق حي فذهب الشابان الى رسول الله صلى الله عليه وسلا سيفيهما وكل واحد منهما يقول :
- انا الذي قتلته 
فراي النبي سيفيهما فقال لهما :( كل منكما قتله ).
فاعطى النبي سلب ابي جهل الى معاذ بعد انتهاء المعركة حيث استشهد معوذ في هذه المعركة وبقي معاذ حيا حتى خلافة (عثمان بن عفان) .
وفي رواية اخرى فلما انتهت المعركة اخذ المسلمون يبحثون عن (ابي جهل ) بين القتلى فوجده (عبد الله بن مسعود ) لا يزال حيا في رمقه الاخير فاخذ بلحيته ليحتز راسه وهو يقول له :
- اخزاك الله ياعدو الله .
فقال ابو جهل : اخبرني لمن الغلبة ؟؟
فقال عبد الله : لله ورسوله.
فقال ابو جهل : ارتقيت مرتقى صعبا يا رويعي الغنم .
ثم احتز راسه وجاء به الى النبي صلى الله عليه وسلم فكبر النبي صلى الله عليه وسلم وقال :
( الله اكبر الله اكبر الحمد لله الذي صدق وعده ونصر عبده وهزم الاحزاب وحده). 
ثم قال:( هذا فرعون هذه الامة ).
ثم اخذ النبي صلى الله عليه وسلم يتفحص القتلى فوقف عليهم وهو يقول: 
( بئس عشير ة النبي كنتم كذبتموني وصدقني الناس وخذلتموني ونصرني الناس واخرجتموني وآواني الناس)
ثم امر بسحبهم فسحبوا حتى ألقي بهم في بئر يسمى( قليب ) فوقف عليهم فقال لهم :
( ياعتبة بن ربيعة وياشيبة بن ربيعة ويافلان بن فلان ويافلا ن هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا فاني وجدت ما وعدني ربي حقا )
فقال له عمر بن الخطاب :
- يارسول الله ما تخاطب من اقوام قد جيفوا؟؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما انت بأسمع لما اقول منهم) .
وهذا يدلل ان الميت يسمع من يتحدث معه او يتكلم معه و انه يعرف من يتكلم معه لكنه لا طاقة له على الرد حيث سلبها الموت منه .
وسميت هذه المعركة بمعركة (بدرالكبرى) وسمي اليوم الذي حدثت فيه ب(يوم الفرقان) قال تعالى:
( وما انزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان )) 
الانفال \41
وهو يوم الجمعة السابع عشر من شهر رمضا ن المبارك.
و استشهد في هذه المعركة من المسلمين اربعة عشر شهيدا ثمانية من الانصار وستة من المهاجرين وقد دفنوا في ساحة ( بدر ) ومقابرهم لاتزال معروفة ومعرفة ببعض الحجارة وقد وقفت عليهم في رمضان من هذا العام 1434 هجرية عند ذهابي لاداء العمرة واهديت لهم ثواب سورة الفاتحة طيب الله تعالى ثراهم فنعم الشهداء شهداء بدر. انعم واكرم بهم .
اما قتلى المشركين فقد قتل منهم سبعون رجلا معظمهم من صناديد قريش وشجعانهم وسحبت وقذفت في قليب وهو بئر خبيث مخبث في بدر واسر منهم سبعون رجلا .
وفي رواية اخرى ان النبي صلى الله عليه وسلم اقام ببد ر ثلاثة ايام فلما استعد للرجوع جاء الى ( القليب) ووقف على شفته ونادى القتلى باسمائهم واسماء ابائهم : 
( يافلان بن فلان ويافلان بن فلان ايسركم انكم اطعتم الله ورسوله ؟؟ فانا وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا ؟) 
فقال له عمر يارسول الله ما تكلم من اجساد لا ارواح لها؟؟
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ما انتم بأسمع لما اقول منهم لكن لا يجيبون.
عاد النبي صلى الله عليه وسلم وجنده الى المدينةالمنورة منصورا قرير العين ومعه الغنائم والاسرى فلما وصل قريبا من ( الصفراء ) انزل الله تعالى حكم الغنيمة :
( واعلموا انما غنمتم من شيء فان خمسه لله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل ان كنتم امنتم بالله وما انزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان والله على كل شيء قدير *) الانفال \41
فاخذ النبي صلى الله عليه وسلم الخمس وقسم الاربعة الاخماس الباقية بين المقاتلين بالتساوي ثم امر بقتل ( النضر بن الحارث ) فقتله (علي بن ابي طالب) بتوجيه من النبي صلى الله عليه وسلم ولما وصل الى (عرق الظبية ) امر بقتل (عقبة بن ابي المعيط ) فقتله (عاصم بن ثابت الانصاري ) وفي رواية اخرى قتله (علي بن ابي طالب ) ايضا.
ثم تابع سيره الى المدينة المنورة فتلقوه رؤوس المسلمين وابناء المدينة عند ( الروحاء) وهم يهللون ويكبرون فدخلها منصورا مظفرا فدخل الى الاسلام اناس كثيرون وقد تظاهر بدخوله الاسلام (عبد الله بن ابي سلول ) وزملاؤه من اليهود .
بعد ان استقر الامر واستراح النبي صلى الله عليه وسلم استشار اصحابه في الاسرى وماذا سيفعل بهم فاشار عليه ( ابو بكرالصديق) باخذ الفدية بينما اشار عليه (عمر بن الخطاب ) بقتلهم . فقرر النبي اخذ الفدية وكانت فدية الواحد ثلاثة الاف درهم وقيل اربعة الاف درهم وبعضهم افتدي بالف درهم وكان من بينهم من يقرا ويكتب فقرر انبي ان تكون فديته تعليم عشرة من اولاد المسلمين القراءة والكتابة وبعضهم اطلق سبيلهم من غير فدية .
وكانت ( زينب ) بنت النبي صلى الله عليه وسلم قد ارسلت بمال فيه قلادة لها لفداء زوجها الاسير (ابي العاص). وكانت هذه القلادة عند امها (خديجة بنت خويلد) رضي الله عنهما قد اهدتها الى ابنتها يوم زفافها الى ( ابي العاص ) فلما رآها النبي تاثر كثيرا ورق لها فاستاذن اصحابه في اطلاق سراحه من غير فدية فاطلقه بعد ان اشترط عليه ان يخلي سبيل زينب فلما وصل ابو العاص الى مكة اخلى سبيلها فجاءت الى المدينة مهاجرة .
واود ان اذكر حالة اخرى لها مساس في معركة ( بدر) وهي ابنة النبي صلى الله عليه وسلم ( رقية) زوجة (عثمان بن عفان )فقد كانت مريضة في اثناء المعركة فامره النبي صلى الله عليه وسلم ان يتخلف عن القتال في المعركة لتمريضها ومعه (اسامة بن زيد )ايضا وله اجر من حضر للقتال في ( بدر) ونصيبه من الغنائم الا انها توفيت قبل رجوع النبي صلى الله عليه وسلم الى المدينة فقال ( اسامة بن زيد ):
- اتانا الخير – اي بشارة النصر - حين دفنا( رقية) بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وساوينا عليها التراب . فلما استقر النبي صلى الله عليه وسلم بعد عودته من معركة( بدر ) زوّج عثمان بن عفان ابنته الثانية (ام كلثوم) وبذلك سمي عثمان ( ذي النورين ).
ان انكسار المشركين في موقعة بدر وهزيمة قريش فيها نصر وصدى انتصار المسلمين هز الدنيا فقد كبت الله تعالى الكافرين والمشركين واخزاهم ونصر الاسلام واعزه . فلما وصلت فلول قريش منكسرة مهزومة الى مكة حتى نهو ا الناس عن البكاء والنحيب والنياحة على القتلى لئلا يشمت المسلمون بهم وقيل كان ل(لاسود بن عبد المطلب ) ثلاثة قتلى في هذه المعركة فكان قلبه يتصفد قيحا والما وحسرة ويهم بالبكاء والنياح عليهم فسمع صوت نائحة في الليل فبعث من يستكشف الخبر فقيل له انها امراة اضاعت بعيرها فهي تبكيه . فبكى وهو يقول :
اتبكي ان يضل لها بعير
ويمنعها من النوم السهود
فلا تبكي على بكر ولكن 
على بدر تقاصرت الجدود

اميرالبيان العربي
د فالح نصيف الحجية الكيلاني
العراق- ديالى - بلــــــــــــــــــدروز
*****************************

إرسال تعليق

 
Top